حركة 16 مارس المجيدة (7)

 

ولد عيدّلها يروي أحداث حركة 16 مارس (ح2 / 4)

بين الجريمة والبطولة

 إبراهيم فال: كما قلت لكم قائدا الانقلاب لا يرغبان في أن تسيل قطرة دم موريتانية؛ ويفضلان أن يكون الانقلاب بواسطة الموريتانيين الأصيلين؛ لا غيرهم.

وهناك مسلمة؛ وهي أنه لم يحدث انقلاب إلا وخلفه دولة أجنبية؛ بعد 1978 حدث حوالي عشرين محاولة انقلابية؛ كلها مرتبطة بالخارج؛ وكما تعلم عندما ينجح الانقلاب يكون منفذوه أبطالا ويسمى حركة تصحيحية، وعندما يفشل يكون القائمون به عملاء وخونة!

الانقلاب على ولد هيداله لم يكن لينطلق من موريتانيا لأن الجميع يتوجس؛ الأب يراقب ابنه والابن يتجسس على والده.. هناك قصة أرويها لك؛ وهي أن شخصا اختطف من السنغال ولم يفق إلا وهو في الهندسة العسكرية، وعذب عذابا نكرا؛ من اعتقله يعرف نفسه.

سؤال: من يكون؟

إبراهيم فال: اسمه المفيد ولد المحفوظ؛ كاد أن يصاب في عقله إثرها؛ نتيجة التعذيب.

سؤال: ولكن رغم ذلك كله الانقلاب على ولد هيداله كان يجب أن يتم من داخل موريتانيا؟

إبراهيم فال: فرنسا هي من قام بذلك؛ لقد أرسلت إلى ولد هيدالة طائرة، وأرسل التعاون الفرنسي طائرات إلى الشخصيات التي تشغل مناصب حساسة مثل محمد الأمين ولد الزين؛ وذلك من أجل أن تتم الإطاحة به وهو غائب.

سؤال: هل حاولتم التنسيق مع فرنسا؛ مع العلم أن المغرب حليف استراتيجي وتاريخي لفرنسا؟

إبراهيم فال: انقلابنا كان انقلابا موريتانيا؛ وقفت خلفه حركة موريتانية هي الـAMD(التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية) وذلك بشهادات قيادات فيها مثل محمد عبد الرحمن ولد امين، الذي يعتبر شخصية وطنية؛ والذي قال إن الانقلاب كان موريتانيا؛ وهو ما أكده أبو الأمة المختار ولد داداه، الذي قال إن الدماء التي سالت في السادس عشر من مارس هي دماء صادقة، وهي دماء سالت من أجل عزة الوطن.. ورغم ذلك ما زال البعض يطبل لدعايات ولد هيدالة.

سؤال: ولكن الدماء التي كنتم تخشون أن تراق بفعل التدخل المغربي أريقت بفعل تدخلكم أنتم؟!

إبراهيم فال: فعلا أريقت.. لكن الحكم على المسؤولية عنها يتطلب تحقيقا؛ فقد يكون النظام هو المسؤول عن ذلك..

سؤال: حركة التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية هل نسقت معكم وأنتم في المغرب وكونتكم سياسيا؟

إبراهيم فال: ذلك شيء يتعلق بالقائدين كادير وأحمد سالم؛ هما اللذان يتصلان بالحركات..

سؤال: يقال إن حركة التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية خذلتكم وتركتكم تواجهون الموت في هذه المجازفة؟

إبراهيم فال: أنا لا أعتبرها مجازفة؛ بل كانت محاولة لإنقاذ البلاد من ديكتاتور، ولإعادة الشرعية. ويشهد لذلك أن من كان يحضر ليكون رئيسا للبلاد خلال الشهر أو الشهرين التاليين للانقلاب - وهو العقيد فياه ولد المعيوف- لم يكن من التنظيم.

سؤال: هل كان فياه على علم بتنسيقكم وتحضيركم لإعداده ليكون رئيسا في حال نجاح الانقلاب؟

إبراهيم فال: أعتقد أنه سيكون بالضرورة على علم بذلك؛ فسيخبره عبد القادر وأحمد سالم؛ فلا يمكن أن يحضّر للرئاسة وهو لا يعلم. هكذا ما أعتقد. وهي سابقة في تاريخ البلاد أن لا يكون الرئيس منتميا للمجموعة التي وقفت خلف الانقلاب.

سؤال: هل زاركم قائد المحاولة عبد القادر خلال تدريبكم العسكري في الثكنة في المغرب؟

إبراهيم فال: نعم؛ زارنا مرات.

سؤال: ما هو انطباعك عنه؟

إبراهيم فال: أعتقد أنه رجل مثالي؛ فهو متدين ووطني إلى أقصى درجة. لو لم يكن وطنيا لما ضحى.. كان يمكن أن يعيش عمره في الفنادق؛ لقد ذهب من موريتانيا وهو وزير؛ وكان قبل ذلك قائد سلاح الجو؛ كان يمكن أن يعيش في دعة؛ ولا يضحى من أجل الوطن؛ وقد برهن على وطنيته مرات عديدة؛ فقد أنقذ عددا كبيرا من الضباط السامين خلال حرب الصحراء؛ وكان طيارا من الطراز الرفيع؛ كما أنه مثقف من النخبة. والدليل على ذلك كتاباته.

لقد برهن هو وأحمد سالم وانيانغ مصطفى ودودو سك على حبهم لموريتانيا، وقاتلوا على الجبهة، وكانوا أبطالا بكل المعاني وعلى كل المستويات.

غير أنه تم غمط هؤلاء حقوقهم؛ ويجب على الجميع في ظل الانفتاح الإعلامي والديمقراطية التي تعيشها البلاد أن يعيدوا النظر في الموضوع ويتخلصوا من دعايات ولد هيداله ونظامه.

لا تمكن المقارنة مطلقا بين ولد هيداله وعبد القادر وأحمد سالم؛ حتى في ظروف السلم، وأي مقارنة ستكون ظالمة. ولكن القدر ساق ولد هيداله للقيادة.

سؤال: ذكرت من قادة الانقلاب دودو سك، وكنت قلت إن أقرب المجموعة إليك هو انيانغ مصطفى.. ماذا تتذكر عن دودو سك؟

إبراهيم فال: محمد ولد دود سك - رحمة الله عليه- كان صديقي. لم أكن أعرفه من قبل؛ وإن كنت أسمع به وبأسرته. وللتذكير فقد كان شجاعا وبطلا؛ وبعد لأي قبل قرار قادة انقلاب العاشر يوليو الانسحاب من الصحراء الغربية حيث كان يرابط في مدينة الداخلة مساعدا للقائد ولد مختار امبارك..

كان صديقي، وكانت لدينا أسرار مشتركة.. كان رجلا طيبا.

فيما يتعلق بحياتنا كنا جميعا أصدقاء؛ في أوقات الراحة نشرب الشاي ونتنزه سويا في زينا العسكري المخصص للتدريب.

 

قضية الصحراء

سؤال: وماذا عن موقفكم من قضية الصحراء؟

إبراهيم فال: لقد كان موقفنا هو موقف الدولة الرسمي: الحياد في ملف الصحراء؛ ذلك ما سمعناه مرات من قادة الانقلاب.

سؤال: ماذا عن علاقتكم بالمغرب؟

إبراهيم فال: علاقتنا بالمغرب كانت مثل العلاقة بأية دولة مجاورة.. كانت الجزائر داعمة لنظام ولد هيداله، وكانت أذرع المخابرات الموريتانية طويلة إلى السنغال؛ وبالتالي لم يكن أمامنا من خيار سوى المغرب.

سؤال: كيف يمكن أن تقول إن أحمد سالم ولد سيدي كان يؤكد لكم أن موريتانيا ستبقى على الحياد وأنتم مدعومون من المغرب.. في المقابل يقال إنكم قمتم بمحاولة الانقلاب من أجل إعادة إدخال موريتانيا لحرب الصحراء بناء على بنود اتفاقية مدريد؟

إبراهيم فال: أولا الاتفاقية وقعها احمد سالم، وموريتانيا ستظل وفية للاتفاق. والدولة ذات السيادة تتصرف بما تمليه إرادتها. ولو كنا استلمنا الحكم لظلت موريتانيا حيادية؛ فاتفاقنا مع المغرب استراتيجي لأن "عدو العدو صديق". وكثيرا ما أعلنوا (يعني القادة) التزامهم بالحياد ولو فرض عليهم غير ذلك لبحثوا عن ظهير آخر.

سؤال: ألم تكن لديكم أية نية بإلغاء اتفاقية السلام مع البوليساريو؟

إبراهيم فال: أبدا. كيف وجناحنا هو من وقعها! لقد وقعها أحمد سالم دون ضغط، وبنية صادقة.

سؤال: وهل كنتم ستتجاهلون مصالح المغرب الإستراتيجية وهو الذي دعمكم ووفر لكم الوسائل؛ وهو ما يقتضي منحه حصة مناسبة؟ الدول لا تهب شيئا بالمجان!

إبراهيم فال: الأمر ليس بيعا وشراء؛ فقد جئناه وسانَدَنَا ونحن نحبه ونفخر به ولا ننكر ذلك، ولكننا دولة ذات سيادة. ولا بد لأي انقلاب من دولة تدعمه، وبالإمكان رد الجميل من غير ما يمس بسيادة البلاد وتوجهاتها، فهذا ليس محل عبث أو مساومة.

سؤال: كيف لم يجئ معكم سيدنا عالي تونكارا؟

إبراهيم فال: الله تعالى أعلم، ما أعرفه أنه كان ضابطا، وتلقى معنا التدريب، ولعله لم يشأ مرافقتنا إلى هنا؟

سؤال: وهل كان مسموحا لكم بذلك؟ قد تكون لك الحرية في عدم الانخراط في تنظيم عسكري هكذا من البداية؛ أما بعد الدخول فلا مناص من الاستمرار. لأن الإنسان قد يبلغ المخابرات أو..

إبراهيم فال: لم لا! لكل أحد حريته. أنا لو لم أرد القدوم هنا لما جئت. كانت نيته صادقة فيما أعلم ولا ضغط عليه، لعل لديه ما عاقه أو لعله مرض أو غير ذلك. على كل حال هو مثلنا جميعا؛ من أراد منا المجيء فله ذلك ومن أراد البقاء هناك فله ذلك، لأن قضايا الوطن لا تنجز إلا بالقناعة. وأعتقد أن من جاء فاز على من تخلف.

سؤال: وهل ينطبق الشيء ذاته على الشيخ ولد محمد الأمين، وهو ضابط عسكري، ومن سلاح الجو على ما أعتقد؟

إبراهيم فال: نفس الشيء. هو من سلاح البحرية. لم يرد المجيء فلم تكن هناك مشكلة.

سؤال: وبا أمادو؟

إبراهيم فال: با أمادو أعاده الفرنسيون من مطار أورلي. أعتقد أنه ارتبك قليلا فارتابت فيه المخابرات الفرنسية فأعادته أدراجه.

سؤال: إلى أين أعيد؟

إبراهيم فال: أظن أنه أعيد إلى المغرب. وقد غابت عني أخباره.

سؤال: هؤلاء ثلاثة أفراد من المجموعة تراجعوا، ألا يُحدث هذا ثغرة في تنظيمكم الذي لم يكن قويا بما فيه الكفاية؟

إبراهيم فال: لا، كان قويا.

سؤال: كان قويا وثلاثة عناصر من أصل عشرة ذهبوا عنه! ألا يشكل هذا خطرا؟

إبراهيم فال: قد يكونون مرضى أو نحو ذلك. على كل حال وافقت القيادة على أن يبقوا حيث كانوا. المهم أن الأمر ليس ذا بال.

سؤال: في تلك الفترة كان من المعروف وجود حركات قومية ويسارية ثورية بالدوام، هل كان لتنظيمكم طابع أيديولوجي؟

إبراهيم فال: نحن موريتانيون فقط؛ ولا نحب إلا موريتانيا. معنا تنظيم سياسي كبير هو AMDوجناحه العسكري يدعى حركة الضباط الأحرار التي نحن منها، والتي تسعى لإنقاذ البلاد من الوضعية التي هي فيها آن ذاك. ونحن موريتانيون قبل كل شيء ونحب موريتانيا.

سؤال: ألم تكن ثمة عقيدة أيديولوجية تلقنونها؟

إبراهيم فال: لا، لا. إنما هو تحرير موريتانيا من ذلك الرجل الذي لا ينتمي إليها.

سؤال: متى غادرتم المغرب وما الطريقة التي ذهبتم بها؟

إبراهيم فال: الدفعة التي أنا فيها ذهبت في الثالث عشر من مارس ومررنا ببوردو بفرنسا وبداكار وتوزعنا على أربع مجموعات كل منها تضم شخصين أو ثلاثة على أساس أمني، وقد سافرت دفعتان قبل دفعتي. أشرف على تفويجنا أحمد سالم - رحمه الله- وتعامل مع الأمر ببساطة، أنتم ستسافرون فجر غد، آخرون سيسافرون في الليلة الموالية.. وهكذا.

سؤال: ما الطريق الذي سلكته كل مجموعة؟

إبراهيم فال: ما أعرفه هو الطريق الذي سلكته مجموعتي أنا، أما البواقي فلا أعرف عنهن شيئا ولم أسأل عن طرقهن، كل ما أعرفه أنهم زملائي جميعا وأن وجهتنا النهائية هي موريتانيا.

سؤال: ما هي طريق مجموعتك أنت وما التعليمات التي تلقيتها؟

إبراهيم فال: التعليمات التي تلقيتها أن أسافر إلى داكار مرورا ببوردو وبومبيي، في الطائرة طبعا.

سؤال: سافرتم من أي مطارات المغرب؟

إبراهيم فال: توجهنا إلى مطار الرباط – سلا، واستلمنا تذاكر سفرنا ومنه سافرنا مباشرة. غادرنا قاعدة ابن اكرير في حدود الحادية عشرة ليلا لأسباب أمنية كما سافرنا إليها ليلا أيضا، وقطعنا مسافة 350 كيلو مترا، وحين جئنا كان قد اقترب إقلاع الطائرة فأمضينا بمطار الرباط قدر ما أتممنا إجراءات المغادرة والتحقنا بالطائرة ثم وصلنا بوردو فجرا ومكثنا هناك حوالي 45 دقيقة في توقف فني ثم سافرنا إلى داكار. وكنا قد ودعنا الزي العسكري ونرتدي الزي المدني ولا نحمل أي سلاح ولا نحوه مما يمت إلى العسكر بصلة، ولم نضع في حقائبنا إلا ثيابا مدنية وأغراضا عادية. وصلنا داكار في حدود الحادية عشرة من ليلة 14-15 مارس، ووجدنا شخصا في انتظارنا بالمطار.

سؤال: من هو؟

إبراهيم فال: لا أريد الإفصاح عن هويته، فلم يحن الوقت بعد. ويوجد الكثير مما لا أزال أتحفظ عليه حتى إشعار آخر.

سؤال: وهل هو موريتاني؟

إبراهيم فال: طبعا!

سؤال: ما ذا قال لكم؟ هل هو مدني أم عسكري؟

إبراهيم فال: مدني. طلب منا - باللهجة الحسانية- أن نتبعه بعد إنهاء إجراءات القدوم، إلى سيارة أرانا إياها ونركبها، فحملنا حقائبنا إليها وركبنا وانطلقنا.

سؤال: يقودها هو أم غيره؟

إبراهيم فال: يقودها شخص آخر.

سؤال: ما جنسية هذا الشخص الآخر؟

إبراهيم فال: موريتاني.

سؤال: هل تعرفه؟

إبراهيم فال: نعم.

سؤال: هل هو من ضمن المجموعة؟

إبراهيم فال: نعم.

سؤال: من هو؟ أم هو مكتوم؟

إبراهيم فال: مكتوم! ولكنه كان من AMD وقتها.

سؤال: أليس من نفس مدينتك أو قريتك؟

إبراهيم فال: لا، لا، لا.

 

إلى ريشاتول

سؤال: إلى أين اتجه؟

إبراهيم فال: سار مباشرة باتجاه سان لويس التي مررنا منها دون توقف في رحلة استمرت ثلاث ساعات لنصل إلى نقطة العبور المحددة، وبعد ما تجاوزنا ريشاتول سرنا حوالي 45 دقيقة فوجدنا رجل الأعمال الموريتاني المشهور حابه ولد محمد فال بانتظارنا - وكان قياديا في AMD- ومعه أحد أعضائها، لا أذكر من هو ولكنه ليس من قيادتها. وكان يستقل "كاميونت" وقدم لنا "دراريع الشگه وسراويل" وما إلى ذلك، أو هذا ما جرى لي أنا والأخ الذي رافقني. وقد وفر لنا حابه جميع الدعم اللوجستي. أما من أوصلنا من داكار فعاد من حيث أتى فورا.وفي الخيمة التي نصبها لنا هناك وجدنا في انتظارنا قائدينا عبد القادر وأحمد سالم، ومعهما باقي زملائنا الذين سافروا على دفعات كما أسلفت؛ كان الجميع يرتدون "الدراريع" ويأكلون اللحم ويشربون الشاي.كان ذلك فجر الخامس عشر من مارس. وقد مكثنا هناك اليوم التالي فارتحنا وتبادلنا أطراف الحديث عن موريتانيا والتعلق بها، وعن ولد هيداله الذي لا ينبغي أن يستمر حاكما لموريتانيا.

سؤال: ما هو الانطباع الذي أخذتموه عن حابه ولد محمد فال؟

إبراهيم فال: حاب ولد محمد فال رجل عظيم لأنه ضحى بعمره وضحى بماله، فقد نهب ولد هيداله ماله إلى الليلة. كان أغنى رجل في موريتانيا خلال تلك الفترة، قبل آل عبد الله وآل انويگظ، كان كذلك ونحن ما زلنا صغارا، فضحى بماله وضحى بوقته وضحى بكل شيء.

سؤال: هل تطرق حديثكم إلى التخطيط للعملية؟ ألم يكن لديكم سلاح؟

إبراهيم فال: تسلمنا أسلحتنا هناك؛ وفّرها حابه ووجدناها أمامنا هناك؛ فقد وفر الأسلحة ووفر السيارات.

سؤال: كيف وفر الأسلحة وهو مدني؟

إبراهيم فال: حابه لا يعبر عنه بالمدني.. حابه كل شيء. حابه كان من الجناح المدني للانقلاب ومن الشخصيات المعارضة للنظام آنذاك.

سؤال: أنتم وجدتم السلاح في خيام حابه ولد محمد فال؟

إبراهيم فال: طبعا، وجدنا السلاح في خيام حابه ولد محمد فال.

سؤال: ما نوعية هذا السلاح؟

إبراهيم فال: كلاش نيكوف، مما يسمى "كروس ابليان" حوالي عشرين بندقية، ضعف عددنا. وأظن أن ذلك كان أول دخول تلك الفئة من البنادق إلى موريتانيا.

سؤال: وماذا أيضا؟

إبراهيم فال: وقنابل يدوية في كيس. وكان هناك مسدسان لقائدينا.

سؤال: بعد التسلح ماذا فعلتم بالضبط؟

إبراهيم فال: أقبل الليل فأخذ كل منا بندقيته وعلبا للذخيرة مثبتة في الحزام تحوي كل منها 35 طلقة، وكانت المعنويات أيضا مرتفعة إلى أقصى درجة.

سؤال: ألم يكن هناك خوف؟

إبراهيم فال: لم يكن هناك خوف ولم يكن هناك إلا السرور.

سؤال: هل نمت تلك الليلة؟

إبراهيم فال: بالتأكيد؛ بل إنني نمت ليلة السادس من مارس رغم أنني أمضيتها على سفر.

سؤال: ألم تلاحظ من زملائك من هو متردد؟

إبراهيم فال: أبدا، لم يكن هناك ارتباك، ولو كان من بينهم من هو متردد لما جاء إن شاء. فالذين وصلوا هناك كلهم ثقات رغم صغر سن بعضهم، والقيادة تثق في أولئك الرجال.

سؤال: ألم يكن لديكم الـRPJ7 أو نحوه من القذائف المضادة للدروع؟

إبراهيم فال: الـRPJتدربنا عليه، ولكننا لم نصطحبه معنا.

سؤال: ألم تصطحبوا رشاشا ثقيلا؟

إبراهيم فال: ربما كان بالإمكان توفيره لنا هنا ولكننا لم نفعل.

سؤال: ما السر في توفير هذا الكم من السلاح من طرف شخص يقيم بالبادية في دولة أجنبية، مع ما هو معروف من قوة المخابرات الموريتانية في السنغال المجاور؟ ألم تنتبه إليه المخابرات الموريتانية؟ أم انتبهت له واستدرجتكم؟

إبراهيم فال: حابه رجل ثري.. هل تظنه عاجزا عن شراء كلاش نيكوف بمائة ألف أو بمائتي ألف؟!

سؤال: يمكنه شراؤه بمائة ألف أو مائتي ألف، ولكن كيف يدخله؟

إبراهيم فال: بسهولة؛ فلديه من المال ما يدفع بعضا منه مقابل إدخاله.

سؤال: أي أنك تعتقد أنه رشا السلطات السنغالية حتى أدخل الأسلحة؟

إبراهيم فال: لا أدري، ولكن لا أستبعد أن يدفع لشخصية مليونا أو نحوه فيدخل له كل ما يريد. ثم إن الأسلحة تباع في السنغال. إذا دفعت لي أتيتك بأي سلاح شئته.

سؤال: فيه الآن سوق للأسلحة؟

إبراهيم فال: وفي كل مكان؛ في فرنسا وأمريكا..

سؤال: ألم تكن القيود مشددة على تجارة السلاح بالسنغال في تلك الفترة؟

إبراهيم فال: لا، فأنا كنت أشتري المسدسات من السنغال حتى عهد قريب، للتملك أو للإهداء؛ فما بالك بحابه!

سؤال: متى غادرتم خيمة حابه وكم مسافة ضفة النهر من هناك؟

إبراهيم فال: قبيل الغروب، وكانت تبعد النقطة التي عبرنا النهر منها بنحو عشرة كيلو مترات.

سؤال: خلال المدة التي أمضيتموها في ضيافة حابه هل لفت انتباهكم وجود موريتانيين غيركم؟

إبراهيم فال: لا، لا أحد.

سؤال: هل هناك أحد من أعضاء حركة AMDمثلا؟

إبراهيم فال: هذا لا يمكن؟! هذا ليس مزاحا ولا لعبا.

سؤال: والعمال الذين تولوا خدمتكم والذبح لكم من هم؟

إبراهيم فال: هناك شخص لا أعرفه وهو (حابه) يثق فيه، هو الذي يعد الشاي ويقدم الضيافة وغير ذلك، ولكن أعتقد أنه شخص بدوي غير منتبه إلى أكثر من كوننا ضيوفا مدعوين هناك.

سؤال: إذن فبعد ما استلمتم أسلحتكم وأعددتموها وأخذتم أهبتكم توجهتم إلى ضفة النهر..

إبراهيم فال: أولا نحن لم نغير ملابسنا إلا بعد العبور إلى ضفة النهر الأخرى. كان كل منا يخفي بندقيته في كم "دراعته" حتى عبرنا النهر فارتدينا الزي العسكري.

 

على ضفة نهر السنغال سيعبر ابراهيم فال ولد عيدلها مع زملائه إلى رحلة مجهولة، وإلى ما يعتبرونه تحريرا للأرض والوطن. إلى حلقة قادمة. دمتم في أمان الله.  

(عن قناة "الوطنية")