مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (34)

 

سادسا، وأخيرا: "العدل أساس الملك.. ومخافة الله أساس العدل"

سيدي الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة، 

يقول الله عز وجل في محكم كتابه: ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا﴾. (النساء 58).

ويقول أيضا:

﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون﴾. (المائدة 8).

    ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «إن دماءكم، وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد»! (من خطبة حجة الوداع. متفق عليه).

    وقال أيضا: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله». (رواه مسلم من حديث أبي هريرة).

"فالمجتمع الفاضل يقوم على القضاء العادل، الذي يصل بالفرد إلى أن يعرف ما له من حقوق فلا يطلب أكثر منها، وما عليه من واجبات فلا يقصر في أدائها، وهنا يتلاشى الصدام والخصام، ويتحقق الحب والوئام، وينتشر الأمن والسلام".

وقد كتب المحامي اللبناني أنطوان القاصوف مقالة بعنوان "العدل أساس الملك.. ومخافة الله أساس العدل" جاء فيها:

"... فإذا كان العدل أساس الملك، فإن مخافة الله هي أساس العدل.. ومن المتعارف عليه أن المتقاضين يكونون في عهدة ضمير القاضي، والقاضي يكون في عهدة عدالة القانون، والجميع في عهدة الله... أليس العدل هو ميزان الله على الأرض؟ من هنا، تكمن عظمة القاضي، صاحب الضمير الحي والملم بمبادئ القانون الذي يحكم به والرافع لشعار الله يراني!

العدل أساس الملك، شعار لا يستقيم إلا مع كل قاض يكون عزيز النفس، بعيدا عن أطماع الدنيا، مترفعا عن الرشوة، صارما في إصدار الأحكام العادلة، بعيدا عن المحاباة، محايدا، محترِما حقوق الدفاع، مؤهلا، متخصصا، دارسا، ملما بمبادئ العدالة والقانون، حسن السمعة والسيرة، واسع الصدر، بطيء الغضب، بعيدا عن أي عمل لا يتفق ورسالة القضاء واستقلاله، كرامته هي الأعلى والأغلى، وهي التي تجعله لا يخاف أصحاب النفوذ والقوة والسطوة...

في بعض المذاهب لا يسمح للقاضي بالجلوس للحكم، إذا كان ذلك النهار متشاجرا مع زوجته، أو حانقا على ابنه، أو تخانق مع جاره، أو مصابا بعسر الهضم.. إذ يجب أن لا يؤثر شيء على رزانته وعدله.

إذا تحقق العدل حفظت كرامة الناس، وقامت دولة المؤسسات فلا يبقى أحد فوق الدولة ولا فوق النظام ولا فوق القانون!

لقد حدد كبار المفكرين شريعة الغاب بأنها تقوم في حالتين:

- عندما يخالف المجرمون القانون.

- وعندما يتجاوز المسؤولون الدستور.

وفي غياب القضاء العادل والمستقل، يتحول الوطن إلى غابة، فتسقط شرعية الدولة، وتنتصر شريعة الغاب". 

سيدي الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

نعم. إن العدل أساس الملك! والقاضي هو خليفة الله في أرضه، وهو ليس طرفا، ولا وكيلا عن طرف، ولا موظفا عموميا؛ بل هو حَكَم.. والفم الذي ينطق بالقانون! وهو محمي عندنا بنص المادة 90 من الدستور، وتقول: "لا يخضع القاضي إلا للقانون، وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه".

وهناك قضاة وقضاة!

يتبع