مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (32)

* المادة 16 من قانون مكافحة الفساد. وبالتصريح الصحفي والمادة 16 من قانون مكافحة الفساد زعموا ثبوت تهمة الإثراء غير المشروع؛ ويسميه النقيب السابق "الثراء الفاحش"! ومن لم يجد من البينة على 10 تهم إلا مادة من قانون خاص تتعلق بالموظف العمومي، فيحاول بها قلب عبء البينة على المتهم خرقا لنص المادة 13 من الدستور، وخرقا لترتيبات المادتين 93 و27 من الدستور، فقد أعلن إفلاسه على رؤوس الأشهاد!

* أنه بثبوت تهمة الإثراء غير المشروع على الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتصريح صحفي، وبمادة من قانون خاص تتعلق بالموظف العمومي، تثبت جميع التهم العشر الموجهة إليه! ومن يقول مثل هذا القول فهو مشعوذ ومهرج!

وبالتالي فلا بينة، والأصل البراءة!

ويمكن لمحكمتكم الموقرة الاستئناس في مجال استصحاب قرينة البراءة في مواجهة الشعوذة بقرار محكمة النقض المصرية رقم 80342 بتاريخ 27 /4/ 2004 الذي جاء في إحدى حيثياته: "حيث وجدت محكمة النقض أن الأصل في المتهم البراءة، وأن إثبات التهمة قِبَله يقع على عاتق النيابة العامة التي عليها وحدها عبء تقديم الدليل على ارتكاب المتهم للجريمة؛ حيث لا يملك المشرع نقل عبء الإثبات إلى المتهم، خلافا لهذا النص الدستوري، والذي تم تأييده من قِبَل المشرع نفسه في قوانين الإجراءات الجنائية". وتقول حيثية أخرى من القرار نفسه: "ولما كان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول لعجزه عن إثبات مصدر مشروع لما طرأ على ثروته من زيادة لا تتناسب مع موارده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، لأنه قام على افتراض ارتكاب المتهم للفعل المؤثم؛ وهو الكسب غير المشروع، لمجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم بناء على هذا الافتراض الظني وقَلَبَ عبء الإثبات مستندا إلى دليل غير مشروع وقرينته فاسدة تناقض الثوابت الدستورية التي تقضي بافتراض أصل البراءة ووجوب بناء الحكم بالإدانة على الجزم واليقين لا على الافتراض والتخمين، فإنه يكون مستوجبا النقض ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعلان براءة الطاعن الأول مما أسند إليه"!

سيدي الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

لقد سمعنا وإياكم ما جاء في مرافعات من أعطيتموهم صفة الطرف المدني دون أساس قانوني أو شرعي في سابقة لا نظن أنها ستتكرر في تاريخ القضاء الموريتاني! واستمعنا كذلكم لمرافعة النيابة مختلقة هذه الدعوى الكيدية السياسية الباطلة! وها نحن نرافع أمامكم في الدفاع فنفند تلك الظنون والمتاهات الواحدة تلو الأخرى! ولقد صدق المتنبي حين قال:

إذا اشتبكت دموع في خدود ** تبين من بكى ممن تباكى.

       فهل أدلى الاتهام بشقيه ببينة من بين ما ذكر المشرع؟ كلا طبعا! ﴿إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى﴾.

       لم يدلوا ببينة، أو بنص قانوني منزل دون تحريف على واقعة ملموسة قط! بل أدلى بعضهم بسباب وتجريح وحقد أسود أعمى، تنفيذا لأوامر وأدوار معلبة ومرسومة ومفهومة أسندت إليهم من أهدافها - كما أسلفنا- هدم قدوة ورمزية بطل قومي وزعيم سياسي فاق جميع أقرانه، وكان ذنبه أنه أنقذ وطنه وبناه وانحاز إلى شعبه وحارب الفساد، وطرد إسرائيل صاغرة، وتنازل طواعية عن السلطة!

       وقد استخدم بعضهم آيات من القرآن الكريم طحنها طحنا ليضفي بها صبغة تضليلية أخرى على ما في جعبته من ظلم وفساد؛ ناسيا أو متناسيا أن الله لا تخفى عليه خافية. وأنه عليم بذات الصدور. وأنه هو القائل عز وجل من قائل: ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبيس المهاد﴾.

       ولم يقتصر هؤلاء، كما رأيتم وسمعتم دون أن تردعوهم وتوقفوهم عند حد، على سب وشتم بعض المتهمين ظلما، والتلفيق عليهم؛ بل تجاوزوهم إلى دفاعهم أيضا! وقد كان لي ولزميلتنا اللبنانية المتميزة شرف نيل نصيب الأسد من سمومهم المتطايرة. وهذا تصريح شيخ تربيتهم أمام محكمتكم الموقرة في موكلنا وفينا، كما نقلته حرفيا الأخبار: "بدل مراعاة هذه الصفات (رجل ترد عليه الأمور فيسددها برأيه، رجل يشاور فيما أشكل عليه، رجل حائر بائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا) الواجبة شرعا (تنبهوا لحماقة مرشدكم. فصفة الرجل الحائر البائر الخ.. أصبحت على يديه ضمن الصفات الواجبة شرعا) اختار المتهم الرئيسي استجلاب محامية سافرة، وتوكيل من لج عتوا في قبيح اكتساب مؤازرة من أساء إلى الرسول الكريم، ظنا من المتهم أن الاعتماد على هؤلاء يشكل وسيلة للفلاح أو النجاة" (الصفحتان 35، 36). وإن الشيخ المربي نفسه هو الذي سبق أن صرح أيضا أمام محكمتكم الموقرة يوم فاتح فبراير من هذه السنة خلال "مرافعته" بأنه: "يعترف بارتباطه بالأمن، مردفا أنه يعرف الجواسيس من القضاة والمحامين وغيرهم... وأن واجب جميع الموظفين وحتى المواطنين العاديين هو التبليغ عن أي شيء يتهدد الأمن".  (الأخبار 1 فبراير 2023)

يتبع