مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (31)

 

خامسا: نقاش تهم وبينات النيابة ودفاعها، والرد على بعض الأقاويل.

سيدي الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

يقول الله عز وجل في محكم كتابه: ﴿قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴾.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي ...»

وعليه أجمعت شرائع السماء والأرض، لأن الأصل البراءة! والبراءة لا تنتهك إلا بمحقق!

تقول المادة 13 من الدستور الموريتاني: "يعتبر كل شخص بريئا حتى تثبت إدانته من قبل هيئة قضائية شرعية". وقد تبنى المشرع نفسه هذا المبدأ الدستوري في المادة التمهيدية من ق.إ.ج. فقال: "كل شخص تم اتهامه أو متابعته يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بقرار حائز على قوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية. لا يعتد بالاعتراف المنتزع تحت التعذيب أو العنف أو الإكراه، والشك يفسر لصالح المتهم".

فالدعوى إذن قول، والبينة فعل يثبت به – أو ينتفي- القول، وقد وثق بعض العارفين جدلية الدعوى والبينة في بيتين جميلين، فقال:

"القول دعوى. وفعل المرء بينة ** ولا سماع لدعوى دون بينة

وكم دعاوى على الإنسان هينة ** تطَلَّبَت بينات غيرَ هينة".

لذا فالبينة هي مربط الفرس، وبيت القصيد في ساحات القضاء! وهي على المدعي كما رأينا فوق في الأصول، وكما نص على ذلك ابن عاصم في الفروع:

"والمدعي مطالب بالبينه ** وحالة العموم فيه بينه".

فما هي البينات المقدمة من طرف النيابة بشقيها، ومن طرف التحقيق، إلى محكمتكم الموقرة ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز؟

وهنا نكتفي بأربع ملاحظات أساسية هي:

أولا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد أقحم زورا وغشا وبهتانا وتلاعبا بتعليمات النيابة الواردة في تكليفها إلى مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية بتاريخ 06/8/2020 اعتمادا على تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" وبدلا من العمل بتلك التعليمات تم فتح محضر حول ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وممتلكات أفراد أسرته ومحيطه بتاريخ 07/8/2020! وهو الذي لا ذكر له في تعليمات تكليف وكيل الجمهورية، ولا علاقة له بتقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" بشهادة كل من وزير العدل السابق حيمود ولد رمظان، ورئيس الوزراء الأسبق نائب رئيس "لجنة التحقيق البرلمانية" الأستاذ يحي ولد الوقف؛ وعلى قضاء بلاده أن يحق الحق، وينصفه، ويرفع عنه هذا الظلم الصريح الواضح.  

ثانيا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يتمتع بحصانة وامتياز قضائي راسخين رسوخ المادة 93 من الدستور. والمادة 93 كانت وأصبحت.. كانت نكرة عند بعض الناس، ويحاول بعض الاعتراف بها وتأويلها على هواه! وأصبحت بعد هذه السنوات الأربع من المناظرة والجدل نصا دستوريا لا شية فيه ولا شك في وجوده في متن الدستور الموريتاني؛ وهو النص الوحيد الذي يحكم الوضع القانوني والدستوري لرئيس الجمهورية في النظام الرئاسي الموريتاني. وهي لم تلغ، ولم تعدل، ولم تبدل ويحل محلها شيء. وبالتالي فإن القفز عليها لا يشكل انتهاكا صارخا للدستور فحسب؛ بل هو هدم لمؤسسات الدولة، وعدوان على السلم والسكينة والنظام، وفساد في الأرض، وحرابة بالقضاء والقانون، يترتب عليها ما يترتب: ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا﴾...! فتهديد أمن الدولة ومؤسساتها والسلم الاجتماعي فيها هو إعلان حرب على الله ورسوله وفساد في الأرض! وليس من اختصاص القضاء إلغاء الدستور كما قال القاضي الأمريكي ماثيو بران الذي وصف دعوى الرئيس ترامب بأنها "حجج قانونية بلا أساس، واتهامات قائمة على تكهنات"! مثلها كمثل دعوى "الأفعال المنفصلة"!

ثالثا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز كان قد تحدى المحققين وتحدى النيابة ودفاعها أن يواجهوه ببينة تثبت وجود اختلاس في أي قطاع أو مؤسسة له به صلة. أو وجود رشوة له بها صلة! فعجزوا جميعا! وما زال عند هذا التحدي! والأصل البراءة! ولا يخترق بالظن والتلفيق؛ بل بالقطع والتحقيق!

رابعا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي لم يشهد ضده أحد أبدا في هذه المسطرة، يدلي من جانبه – رغم ما جرى من مضايقات في الاستماع إلى شهود النفي- بشهادات نفي يركز على ست منها ستجدون أربعا منها صحبة هذه المذكرة؛ وهي شهادتان لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وشهادة لرئيس المجلس الدستوري جالو آمادو بتيا، وشهادة نائب رئيس لجنة التحقيق البرلماني الوزير الأول الأسبق الأستاذ يحي ولد الوقف، وشهادة النائب برام ولد اعبيد.. بينما توجد شهادة كل من الوزير حيموده ولد رمظان، والوزير سيدي ولد سالم طي الملف!

خامسا: أن البينة التي حصل عليها القضاء الموريتاني (النيابة ودفاعها والتحقيق) ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي اتهمه بعشر (10) تهم، وبعد أزيد من سنتين من البحث والتحقيق، تمثلت في ثلاثة أمور مضحكة ومبكية وردت في الصفحتين 24 و25 من كتاب "أمر الإحالة" وهي:

* تصريح صحفي قال فيه إنه ثري. ومن لم يجد بعد هذا البحث الطويل و"الغربلة" من البينة على 10 تهم إلا تصريحا صحفيا فقد أثبت إفلاسه وعجزه التام عن وجود بينة.

يتبع