مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (30)

 

لقد نجحتم في ثلاثة أمور: اتهام وسجن ومحاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالباطل زورا وبهتانا، وتجريده هو وأسرته ومحيطه من ممتلكاتهم ظلما وعدوانا، وانتهاك وتجاوز دستور وقوانين ومؤسسات موريتانيا، والتلاعب بها خدمة لانقلابكم الرجعي الانتقامي. وبذلكم هدمتم أسس الدولة وهددتم - وما تزالون تهددون- أمنها. وذلك من أجل تصفية حسابات سياسية آنية وعابرة! فبعتم العين الصحيحة بالعور!

ولكنكم فشلتم في ثلاثة أمور: فشلتم في تصفية محمد ولد عبد العزيز جسديا، وكانت هدفا كاد أن يتحقق! ولكن الله سلم! وها هو ذا - والحمد لله- جالس أمامنا ولو في قفص اتهام ظالم "وقد يضام لفرط النخوة السبع"! ولسان حاله يقول:

سأعيش رغم الداء والأعداء ** كالنسر فوق الصخرة الشماء

وكم من بريء سجن مظلوما كما فعل بيوسف عليه السلام! وفشلتم في تلطيخ سمعته والقضاء على رمزيته؛ فهو اليوم أكثر شعبية من أي وقت مضى! وما من أحد اليوم يصدق دعاياتكم ومحاربتكم للفساد التي ظهر أنها هي الفساد بعينه وأذنه. وفشلتم أيضا في إخفاء جريمتكم التي كنتم تظنون أن أحدا لن يطلع على كنهها. وأنكم ستغتالون الحقيقة ومحمد ولد عبد العزيز معا في الظلام وينتهي الأمر! ونسيتم حقيقتين أساسيتين هما أن الجريمة الكاملة لا وجود لها. ولا بد - من لطف الله- أن يبقى لها أثر تكتشف به! وأنه ما ضاع حق وراءه طالب، أحرى إذا كان وراءه طلاب!

وتعيدنا هذه المعاملة السيئة المنكرة، والهدف المتوخى منها، والحديث شجون، إلى مسألة هدم القدوات والرموز الذي هو أحد أهداف هذه الدعوى الكيدية الباطلة؛ فهو لم يعد يقتصر على هدم الرئيس محمد ولد عبد العزيز كقدوة وكرمز؛ بل تجاوز ذلك إلى مديات أخرى: هدم مرفق القضاء والعدالة، وهدم المحاماة بنقبائها وعمدائها، وهدم المرجعيات المعرفية والقيمية الموريتانية!

وهنا لا يسعني إلا أن أوجه التحية والتقدير والإجلال للنقيب محفوظ ولد بتاح الذي كان استثناء في صيانة شرفه وكرامته في هذه الدعوى الباطلة، فلم يتعتب ساحة المحكمة بعد اليوم الأول! كما أوجه التحية والتقدير والإجلال أيضا إلى النقيبين يعقوب ولد الشيخ ولد بلله وأحمد بن يوسف ولد الشيخ سيديا، اللذين صانا كرامتهما وكرامة أسرتيهما المتميزتين، وحافظا للأمة الموريتانية في محنتها الرهيبة على بقية مما ترك آل موسى وآل هارون مما يذكر ببو تلميت وما لها من سبق خالد ومسطور في الذاكرة الجمعية الموريتانية من حب للوطن وايمان بالدولة وتغليب وخدمة للمصالح العليا! وأوجه التحية والتقدير والإجلال كذلك إلى صديقي الأستاذ عابدين ولد التقي الذي صرح أمام محكمتكم الموقرة بأن عقده مع الدولة لا يتضمن الالتزام لها بسب الغير؛ وإلى محمد عبد الرحمن ولد الخرشي ولد عبد الله الذي عزف عن ضرب البوق، وترك لنا من العفاف والإجمال في الطلب ما يذكرنا بعلم وورع العلامة الخرشي ولد عبد الله الذي ترك لنا - من ضمن ما ترك- كلمته الخالدة عندما ذكّر بالمثل الموريتاني "يعطي الشرع الي تهاب الركبة" فقال: "ماهي ارڴيبت الخرشي بعد"!

يتبع