مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (28)

 

لقد تمت إذن - وكما ترون- عملية غش وتزوير وتلاعب بأوامر القضاء، وجرى تبديلها في مخافر مديرية شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية، وجرى تغيير موضوعها الذي هو تكليف "بمباشرة إجراء بحث ابتدائي حول الوقائع الواردة في تقارير لجنة التحقيق البرلمانية، والبحث عن المشتبه بهم، وعن كل من تظهر أدلة ضدهم" إلى البحث "حول ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه..."! وبدأ البحث باستجواب موثق عقود، والقائمين على هيئة الرحمة؛ وهي هيئة خيرية ذات نفع عامة وذمة مالية مستقلة! مع العلم أن محمد ولد عبد العزيز لا يوجد له ذكر ولا اتهام في تقرير (أو تقارير) لجنة التحقيق البرلمانية – أساس المتابعة، ولا في التكليف! وقد صرح كل من وزير العدل ونائب رئيس "لجنة التحقيق البرلمانية" أنه غير معني بالقضية، لا من قريب ولا من بعيد!

وبهذا الغش والتزوير الفاضح تم إقحام الرئيس محمد ولد عبد العزيز غدرا واحتيالا في متابعة لا علاقة له بها، وجُعل منه فاعل رئيسي ومتهم رقم واحد في ملف لا علاقة له به! وهذا هو سبب اختفاء تقرير (أو تقارير) "لجنة التحقيق البرلمانية" من الملف الذي أسس عليه! وذلك لعدم وجود ذكر للمتهم الأول في المسطرة في التقرير (أو التقارير) الذي أسست عليه المسطرة!

وهنا أتوجه أولا، بسؤال إلى السيد وكيل الجهورية، فأقول: سيدي وكيل الجمهورية أين تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي بنيتم عليه متابعتكم؟ ولماذا غاب عن الملف، وحجب عن القضاء؟ وكيف يقوم أو يستقيم بنيان تم هدم أساسه بيد بانيه؟ ثم إني أعلن ثانيا، باسم هيئة الدفاع عن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أمام محكمتكم الموقرة، وقلبي يتفطر حزنا وألما أن نصل إلى مستوى يمكن أن يجري فيه ما جرى في مرفق العدالة المقدس: اتهامنا للنيابة وضبطيتها القضائية بالغش والتزوير والتلاعب بإجراءات المتابعة من أجل التآمر والاحتيال على الرئيس محمد ولد عبد العزيز وتوريطه في مسطرة لا علاقة له بها لأنها مؤسسة على تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" وتقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" لا يتهمه بشيء، ولا علاقة له به! وندلي أمام محكمتكم الموقرة بشهادتي وزير العدل السابق الوزير حيمود ولد رمظان (طي الملف) ونائب رئيس "لجنة التحقيق البرلمانية" معالي الوزير الأول الأسبق الأستاذ يحي ولد الوقف! كما ندلي بالتكليف الصادر من السيد وكيل الجمهورية إلى الضبطية القضائية يوم 06/8/2020 وبالمحضر الصادر من الضبطية القضائية بتاريخ 07/8/2020، وبعدم وجود تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية في الملف رقم 001/2021 وقد صرحتم فضيلتكم بذلك أثناء المرافعات. وها نحن نسلم نسخة من التقرير المذكور إلى محكمتكم الموقرة ليكون بينة على ما أعلناه، وجزء من الملف تتأكد من خلاله براءة موكلنا الذي لم يتهم فيه، ولا يمكن أن يتهم!

سيدي الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

لو بغير الماء حلقي شرق     كنت كالغصان بالماء اعتصار!

أين حسن النية المفترض في ممارسة الحق؟! وأحرى من أمناء الدعوى العمومية والضبطية القضائية!

أوليس القضاء هو الملاذ الآمن الأخير المفترض لكل المظلومين؟ فكيف إذا فتح باب الظلم من جهته خدمة لأهداف سياسية آنية، وانتقاما من أبرياء لصالح خصوم أعماهم الحقد والحنق؟ "لعياط إلى جاء من شور الكدية لهروب اعلين"؟!

وإذا ساغ أن يظلم القضاء نهارا جهارا رئيس جمهورية سابق بقامة وشموخ وعزة وقوة الرئيس محمد ولد عبد العزيز في عهد خلفه وصديقه محمد ولد الشيخ الغزواني، فما ذا عسى أن يكون مصير المواطن البسيط؟

إن هذا الفعل يشكل مخالفة صريحة للفقرة الأخيرة من المادة 25 من ق.إ.ج التي يرجع إليها مدير مكافحة الجرائم الاقتصادية في محضره المذكور، والتي تحدد مهمات موظفي مصالح الشرطة القضائية، فتقول: "معاينة الجرائم في القانون الجنائي، طبقا لأوامر رؤسائهم..." كما يشكل جناية معاقبة بالأشغال الشاقة المؤبدة بنص المادتين 141 و142 من القانون الجنائي! بالإضافة إلى ما يترتب عنه من ضرر يلحق بالغير!

ومما لا يمكن تصوره أن يحدث مثل هذا الفعل في دولة تحترم نفسها وتدعي أنها دولة قانون! وإذا قدر له أن يحدث، فإن المسؤولية الأخلاقية تفرض استقالة جميع المسؤولين عنه بمن فيهم الوزراء الأوصياء!

* وفي يوم نفسه (الجمعة 07 /8/ 2020) الذي اتخذت فيه إجراءات البحث الابتدائي وجهة غير التي تم تحديدها في تكليف النيابة آنف الذكر، توجهت وكالة الجمهورية بخطة عمل إلى النيابة العامة لدى المحكمة العليا تقترح عليها فيها مسار إجراءات البحث الابتدائي في ملف التحقيق البرلماني، وكأنها ما تزال تبحث عن طريق وتتشاور مع رؤسائها! وتحتوي هذه الخطة التي تم تسريبها - من بين ما تحتوي- ثلاثة أمور جديرة بالملاحظة: تشكيل لجنة عمل من قادة الشرطة تعطي للقضية زخما كبيرا وتخلق حوافز لديهم، وتضفي طابع العمل الجماعي على ما تقوم به وكالة الجمهورية، الآمرة الناهية وحدها في الملف؛ تعبئة جهاز الدولة في خدمة المهمة الكبرى التي تضطلع بها وكالة الجمهورية؛ إبراز دور "الإعلام" وضرورة تعبئته خلف وكالة الجمهورية! الشيء الذي يفتح باب الشائعات والإرجاف، ويروج ما تريد وكالة الجمهورية ترويجه!

* وفي يوم 11 /8/ 2020 أذن السيد وكيل الجمهورية لمدير شرطة مكافحة الفساد في إطار "إجراءات البحث الابتدائي الذي تباشره مديريته بناء على نتائج التحقيق البرلماني في عدة ملفات... وتأسيسا على أحكام المادة 38 من القانون رقم 014/ 016 بالقيام بالتفتيشات والمعاينات وإجراءات الحجز التي يراها ضرورية لمصلحة البحث المشار إليه". وهذا يعني بكل بساطة إعطاء مديرية مكافحة الجرائم الاقتصادية الضوء الأخضر لإطلاق سيبة في "ممتلكات السيد محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه" الملف الوحيد المفتوح آنذاك! وعملا بالمادة 38 من قانون مكافحة الفساد التي لا علاقة لها بذلك من قريب ولا بعيد!

* ولم ينته الأمر عند هذا الحد؛ إذ في يوم 12 /8/ 2020 أي اليوم الذي صرح فيه عميد المرجعية القيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية السيد الخليل ولد الطيب (شفاه الله) لصحراء ميديا بقوله إنهم "لن يقبلوا أن ينافسهم ولد عبد العزيز بثروات الشعب الموريتاني قبل أن يصدر القضاء حكمه في الملفات التي اتهمت الرئيس السابق بالفساد" في هذا اليوم بالذات أصدر السيد وكيل الجمهورية إذنا آخر لمدير شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية يبيح له فيه اللجوء إلى أساليب التحري الخاصة بما في ذلك "الكشف عن السر البنكي – الرصد الالكتروني واعتراض المكالمات الهاتفية – الاختراق". وذلك عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون مكافحة الفساد! علما بأن هذه المادة وفقرتها الأخيرة لا علاقة لهما البتة بصلاحيات وكيل الجمهورية. بل إن الاختصاص للقاضي المختص؛ وفي هذا خرق سافر للمادة التمهيدية من ق.إ.ج التي تنص على وجوب الفصل بين سلطتي الاتهام والحكم. وبهذا الإذن أعطى السيد وكيل الجمهورية لشرطته شيكا على بياض لتمارس ما تشاء ضد محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه حتى لا يبقى لدى القيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ما يخاف منه ويحذر! ثم كيف عرف هذا القيادي يوم 12 /8/ 2020 أن ولد عبد العزيز متهم من طرف القضاء بالفساد، وهو لم يتهم بعد؟ وفي لمح البصر صادروا كل شيء دون تمييز بين ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وممتلكات أفراد أسرته البالغين، وصادروا أملاكا من تركة أحمدو ولد عبد العزيز رحمه الله، وأموال هيئة الرحمة ذات الذمة المالية المستقلة؛ ناهيك عن ممتلكات الأقارب والمحيط المصرح في المحضر باستهدافها بغيا؛ ولم يتركوا للأسرة ما تعيش به! لحد قطع مخصصات تقاعد الرجل من الجيش، ومخصصاته كرئيس سابق حتى يومنا هذا!

* وفي مساء يوم 17 /8/ 2020 استدعي الرئيس محمد ولد عبد العزيز للحضور إلى مديرية شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية دون أجل واعتقل هناك دون غيره! وبدأت محنته التي ما تزال مستمرة إلى هذه اللحظة بسبب توريط بالغش والتزوير في مسطرة لا علاقة له بها أصلا!

يتبع