مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (20)

 

* الافتراء والتزوير. ومن بين أمثلتهما:

- هذا التصريح للأستاذ الدكتور لو غورمو معلقا على أمر إحالة ملف القضية إلى المحكمة الجنائية: "إن قرار قاضي التحقيق إحالة القضية أمام محكمة مكافحة الفساد يمثل منعطفا في الإجراءات المتخذة منذ أزيد من سنة لتسليط الضوء ومحاكمة أكبر وأخطر قضية فساد في تاريخ بلادنا. مئات مليارات من أوقيتنا تبخرت أو على الأصح ذهبت إلى جيوب السيد محمد ولد عبد العزيز وجماعته، كما بينتْ ذلك من قبلُ لجنة التحقيق البرلمانية. لقد قامت شرطة الجرائم الاقتصادية - هي الأخرى- بتحقيقها، ثم قام قطب التحقيق المكلف بمكافحة الفساد بالسير في الاتجاه نفسه حين أكد مدى ضخامة الاختلاس والنهب الذي تعرض له المال العامإن أمر الإحالة هو بالتحديد القرار الذي على أساسه، من الآن، سوف تتم محاكمة قضية عزيزنعم، إن أمر الإحالة نهائي لأنه يتعلق بجريمة اقتصاديةإن القضية سوف تتم محاكمتها بالطريقة التي قرر قاضي التحقيق"! (خطوط التشديد منا).

فتدبروا يا أولي الألباب مدى الافتراء والتلفيق و"التنظير" و"التوجيه" بالباطل في هذا التصريح:

 "أكبر وأخطر قضية فساد في تاريخ بلادنا. مئات مليارات من أوقيتنا تبخرت أو على الأصح ذهبت إلى جيوب السيد محمد ولد عبد العزيز وجماعته". ورغم خطورة هذا التصريح، فإن صاحبه لا يملك عليه أدنى دليل سوى سوء النية، والتحامل السياسي على خصم سياسي، والقدرة الفائقة على الافتراء! ومع ذلك فقد ناقض قائد فريقه الذي تحدث عن آلاف المليارات بينما تحدث هو عن المئات فقط!

 "كما بينت ذلك من قبلُ لجنة التحقيق البرلمانية". و"لجنة التحقيق البرلمانية" لم تبين شيئا مما زعمه هنا الأستاذ الدكتور عن عدوه السياسي المستهدف. وقد صرح نائب رئيسها لموقع الأخبار بتاريخ 01 إبريل 2020 قائلا: "عندما ينظر الإعلام إلى التقديم الذي قدم به النواب عملهم، يرى أنهم لم يتكلموا عن العشرية، ولا عن النظام، ولا عن الرئيس. تكلموا عن قطاعات معينة يريدون التحقيق فيها. ثم إن رئيس الجمهورية ليس مسؤولا بشكل مباشر عن التسيير؛ فالدستور واضح في أنه لا تمكن متابعته حول تسيير أي مرفق من المرافق العمومية. فحسب الدستور لا تمكن متابعته إلا في حالة الخيانة العظمى. فالإعلام ركز على العشرية وعلى النظام.. وأخرج اللجنة من نسقها الحقيقي". فأيهما أولى بالتصديق: نائب رئيس "لجنة التحقيق البرلمانية" التي أعدت ذلك التقرير، أم الأستاذ الدكتور لوغورمو الذي لم يقرأ حرفا واحدا من التقرير، والذي صرح لـ بي بي سي يومئذ بقوله: "نحن من دعا إلى تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، ونسعى بها فعلا إلى تصفية الحسابات مع ولد عبد العزيز الذي لم يكُفَّ خلال عشريته عن تصفية حساباته معنا؛ ولم يلتحق نواب الأغلبية بدعوتنا إلا بعد انفجار أزمة المرجعية".

 "ثم قام قطب التحقيق المكلف بمكافحة الفساد بالسير في الاتجاه نفسه حين أكد مدى ضخامة الاختلاس والنهب الذي تعرض له المال العام". ولعلمكم، وعلم الأستاذ الذي لا يعلم شيئا عما تضمنه أمر قطب التحقيق هذا، لأنه ببساطة لم يطلع يومها، ولا حتى اليوم، على عمل قطب التحقيق، فإن "قطب التحقيق" لم يؤكد "مدى ضخامة الاختلاس والنهب الذي تعرض له المال العام" بل اكتفى بالخوض في أزيد من مائة صفحة بما قدمته له النيابة ودفاعها ممثلا في النقيب السابق، وخرج بما يلي:

"حيث أن هذه التصريحات العلنية في وسائل الإعلام، تثبت ثراءه الكبير غير المشروع، أثناء فترة حكمه؛ إذ كيف يحصل موظف عمومي يمنع عليه الدستور ممارسة أية وظائف أخرى على أموال طائلة باعترافه في تصريح صحفي علني، إن لم يكن ذلك من خلال ارتكاب وقائع يجرمها القانون.

حيث إنه من كل ما سبق يثبت بالأدلة القطعية التي لا يتطرق إليها الشك، نسبة تهمة الإثراء غير المشروع للمتهم محمد ولد عبد العزيز.

حيث إن ثبوت هذه التهمة تثبت به جميع التهم الموجهة للمتهم...". (الصفحتان 24 و25 من أمر الإحالة). فما توصل إليه قطب التحقيق هنا لا يعدو استنتاجات ظنية مستخلصة من تصريح صحفي في وسائل الإعلام. وادعاء بأنه بثبوت تهمة، لم تثبت أصلا، تثبت كل التهم الأخرى!

 إن أمر الإحالة هو بالتحديد القرار الذي على أساسه، من الآن، سوف تتم محاكمة قضية عزيز! نعم، إن أمر الإحالة نهائي لأنه يتعلق بجريمة اقتصادية! إن القضية سوف تتم محاكمتها بالطريقة التي قرر قاضي التحقيق"! وفي هذا القول أمران مستغربان جدا. الأمر الأول هو أن يصرح محام ودكتور في القانون - أيّ قانون- بأن أمر إحالة إلى المحكمة الجنائية نهائي لأنه يتعلق بجريمة اقتصادية! أما الأمر الثاني فهو اطلاع الأستاذ الدكتور لو غورمو على غيب المحاكم! فما قاله هو ما جرى بالضبط: "إن القضية سوف تتم محاكمتها بالطريقة التي قرر قاضي التحقيق"! لا حول ولا قوة إلا بالله!

يتبع