مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (19)

 

هناك، أموال كثيرة مهدورة ومخزنة في بنوك أجنبية، وفي أماكن أجنبية. نفس المصدر. فأين هي هذه الأموال؟ وهل من دليل على وجودها غير شهادة النقيب؟

كبر وأخطر قضية فساد في تاريخ بلادنا. مئات ملياراتٍ من أوقيتنا تبخرت، أو على الأصح ذهبت إلى جيوب السيد محمد ولد عبد العزيز وجماعته، كما بينتْ ذلك من قبلُ لجنة التحقيق البرلمانية. (لو غورمو مقابلة مع القلم بتاريخ 06/07/2022). وهذا افتراء على "لجنة التحقيق البرلمانية"!

* تحليل وتعليل انتهاك الدستور وخرق القوانين. ويتجسد ذلك في استشاراتهم القانونية الباطلة المقدمة للدولة وللجمعية الوطنية، وتصريحاتهم المغرضة ومرافعاتهم الداعمة لخرق النيابة والتحقيق والمحكمة الجنائية للقانون. ومن أمثلة ذلك: الاستشارة القانونية المنشورة في 17/07/2020 وتلك المعلن عنها في بيان مؤتمر الرؤساء في الجمعية الوطنية بتاريخ 27/07/2020، وبيان نفير قصر المؤتمرات في 25 أكتوبر 2020 ومؤتمرات وبيانات الأستاذ النقيب إبراهيم ولد أبتي التي كان آخرها – وأغربها- شهادته التي أدلى بها للأخبار وجاء فيها: "إن كل مراحل المحاكمة المستمرة منذ يناير الماضي تمت بصفة مكنت جميع الأطراف من تقديم كافة دفوعها والمشاركة الفعالة في التحقيق أمام المحكمة، مرورا بأسئلة المحكمة والنيابة والدفاع ودفاع الطرف المدني. وأن الحضورية تم ضمانها، وتم كذلك ضمان حماية حضورية الإجراءات، وكذلك ضمان المحاكمة العادلة التي نعمل جميعا من أجلها". (الأخبار 12/ 10/ 2023).

* تضليل العدالة والرأي العام. ومن أمثلته أنه في رد على سؤال صحفي من قناة الوطنية حول عدد الستين محاميا وطبيعة عملهم وأتعابهم، قال الأستاذ النقيب إبراهيم ولد أبتي: "نحن طبيعة عملنا عمل ضخم بالنظر إلى تنوع الملفات، ولن تكون أتعابنا إضرارا بالمال العام ولا بالخزينة العامة؛ بل سنتعاون مع الخزانة العامة لأننا بعيدين من البحث عن الثراء إضرارا بالدولة الموريتانية. هذا من يروجه لا يفهم دور المحامي نحن محامين. سنتلقى أتعابا، ولكن ستكون أتعابا على المستوى المطلوب دون إضرارا بالخزينة العامة. إذن هذا سر ما بيننا والدولة الموريتانية. ولكن أؤكد هنا عبر القناة أن هذه الأتعاب لن تكون إنزافا، بعيدا من ذلك، للخزينة العامة؛ بل ستكون على المستوى المطلوب من ناحية تعويض الأتعاب ومن ناحية الحفاظ على أموال الدولة الموريتانية... تصور أنت عدد الملفات، أنا قلت لك إن سنيم، خيرية سنيم، العمليات التجارية لسنيم في الخارج، كل الصفقات التي تتعلق بشركة سوملك: الإنارة، الإنارة بالطاقة الهوائية، بالطاقة الشمسية، قضية الميناء، قضية العقارات، قضية سونمكس، قضية هوندونغ، قضايا متنوعة.. تصور حتى إن طلبت 5 محامين أو 6 محامين لكل عملية فهذا قليل. إذن في الحقيقة الناس ماهي فاهمه ضخامة حجم العمل! وعندما تكيف النيابة القضية وتحدد نوع الملفات وكبر الملفات سيعلم الرأي العام ضخامة ما تم. فبالرجوع إلى اثنا عشر ميدانا حددها تقرير اللجنة البرلمانية، وحتى الاثنا عشر كلها فيه عدة خانات. تصور أن كل خانة أعطيها 5 أو 6 محامين أو 4 محامين. فهذا يكفي دلالة أن ليس فيه أي إضرار. العدد قليل العمل ضخم. أضف إلى ذلك أن هذا العمل يتطلب تحريات في الخارج، لأن الأموال هناك، أموال كثيرة مهدورة ومخزنة في بنوك أجنبية، وفي أماكن أجنبية، وهذا يتطلب كذلك عمل. الدولة الموريتانية تطلب أن تستعين بطاقم من المحامين له خبرة، له مكانة، له قدرة، له كفاءة على البحث إلى جانبها من أجل الكشف عن كل ما تم امتصاصه من أموال هذا الشعب".

وقد ظهر اليوم أن جميع ما قاله السيد النقيب لقناة الوطنية لا أساس له من الصحة! وأن الهدف منه تضليل الرأي العام وخداعه حول ماهية الدعوى، والنصب على الدولة وخزينتها! فالملفات التي ذكر لم يفتح الستون محاميا منها ملفا واحدا! وحتى ملف القضية لم يطلبوه ولم يطلعوا عليه إلى يومنا هذا! وتقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" المزعومة الذي ينسبون إليه الأكاذيب لم يطلعوا عليه لأنه ليس في ملف القضية أصلا، ولا يوجد فيه ما يدعون! ولم يقوموا بأي تحر في الخارج! والأموال الكثيرة المهدورة والمخزنة في بنوك أجنبية كانت كذبة هي الأخرى! و"طاقم المحامين الذي له خبرة، له مكانة له قدرة، له كفاءة على البحث من أجل الكشف عما تم امتصاصه من أموال هذا الشعب" لم يتحرك، ولم يكشف شيئا! بل امتص مع جملة المصاصين - تحت مظلة هذه الدعوى الكيدية الباطلة- ما استطاع امتصاصه بهذه الحيلة من أموال الشعب الذي يدعي الدفاع عن أمواله! وبذلك يكون قد أُهْدِرَ جزءٌ من أموال الشعب بالباطل، وفُرِّطَ في أمانة الدفاع عن آلاف المليارات من "أموال الشعب المنهوبة" حسب دعواه! خاصة إذا علمنا أنه لا يوجد له في هذا الملف يوم إحالته أثر سوى خمس أوراق باهتة لا تسمن ولا تغني من جوع.. أو التحامل اللفظي على الرئيس السابق وشتمه وقذفه بالباطل!

* اختطاف القضاء، والافتئات على سلطات رئيس الجمهورية!

ويتجسد ذلك في قولهم: "ملف فساد العشرية ملف قضائي، وبين يدي القضاء، ولا يحق للسلطة التنفيذية التدخل في شأنه.. أو بعبارة أصرح وأوضح ... البرلمان زَرْگو (أي رماه) للقضاء وأصبح القضاء صاحب السيادة. لم يعد لأي أحد آخر عليه أي سلطان مهما كان هو" حسب تعبير النقيب السابق في أحد مؤتمراته الصحفية.

وهذا القول غير صحيح! فالغرض من ترويج خرافة "سيادة القضاء" في هذا الملف و"انعدام أي سلطان لأحد آخر عليه مهما كان هو" التي يدعيها النقيب، هو تكريس اختطاف القضاء الجاري وفصلِه عن الدولة والقانون، ليظل آلة يستخدمها فريق من المفسدين في تنفيذ مآرب غير شرعية وغير وطنية، وفي تصفية حسابات أخرى لا علاقة لها بمصالح الدولة والوطن ولا بالعدل والانصاف! ثم تجريد رئيس الجمهورية من صلاحياته، ومن سلطانه المطلق على جميع مرافق الدولة؛ بما فيها القضاء الذي خولته إياه المادتان 24 و89 من الدستور، وتنصان - على التوالي- على ما يلي: "رئيس الجمهورية هو حامي الدستور، وهو الذي يجسد الدولة ويضمن بوصفه حَكَمًا السيرَ المطَّرد والمنظم للسلطات العمومية. وهو الضامن للاستقلال الوطني وللحوزة الترابية"! "... ورئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال القضاء. ويساعده في ذلك المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه"! فهل يجوز لمن هذه صلاحياته وسلطانه أن يظل مكتوف اليدين وهو يرى بعينيه الدستور يمزق، والقانون يخرق، والقضاء مختطفا، والوطن على كف عفريت؟! إن ما يدعيه النقيب هنا خرافة لا أساس لها من الصحة! فالبرلمان لم يُعَهِّدْ القضاء، وليس من حقه تعهيد القضاء ولا "يزركلو" والقضاء ليس صاحب السيادة فيما تعهد فيه بصفة قانونية، فما بالك بما لا علاقة له به! ونحن نعلم جميعا أن دعوى "فساد العشرية دعوى سياسية كيدية هدفها الانقلاب على النظام الوطني وإركاع موريتانيا. ويستخدم القضاء المختطف في إنجاح ذلك، ويجري تحييد الرئيس بشعار زائف هو استقلال القضاء حتى لا يتحمل مسؤولياته فيصون الدستور من عبث العابثين ويخلص القضاء من أسر مختطفيه، ويصون مؤسسات وسيادة الدولة من الانهيار الوشيك!  

يتبع