مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (18)

 

وخلاصة القول، أنه يشترط في قبول الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي الذي تم نشر هذه الدعوى الكيدية أمامه في زمن لاحق على قيام الطرف المدني المزعوم، شرطان هما:

- كونها ناشئة عن جريمة.

- تحريك الدعوى العمومية ورفعها أمام محكمة.

ولمزيد من التفصيل حول الشرط الأخير نقول، ونكرر: إنه مهما كان حجم الضرر وبداهته، فإنه لا سبيل للمطالبة بجبره والقيام بالحق المدني ما لم توجد دعوى عمومية قائمة؛ خلافا لما ذهب إليه نقيبنا الموقر. فالمحاكم الجزائية لا يعهدها إلا الدعوى العمومية التي ترمي إلى توقيع العقاب؛ سواء أرفعتها النيابة العامة، أم كانت مباشرة لحق مدني ناجم عن جرم. وعليه فإن القيام بالحق المدني أمام القضاء الجزائي يدور وجودا وعدما مع الدعوى العمومية.

أما القيام بالحق المدني أمام المحاكم المدنية فيشترط فيه - هو الآخر- شرطان هما:

- كونه ناشئا عن جريمة.

- رفع دعوى أمام محكمة مدنية مختصة كما نصت عليه المادة 4 آنفة الذكر، وحسب الشروط الواردة في المادتين 58 و63 من قانون الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية المتعلقتين بإجراءات فتح الدعوى وإثبات الصفة.

وبما أنه لم يتم توجيه اتهام إلى أي مشتبه به في ملف "لجنة التحقيق البرلمانية" قبل يوم 11 مارس 2021. وبالتالي لا توجد دعوى عمومية قائمة قبل هذا التاريخ، ولم ترفع دعوى مدنية باسم الدولة أمام أي محكمة مدنية. فإننا نقول ونصر ونوقع بأن لفيف الدفاع عن "الحق المدني للدولة الموريتانية" المؤلف من 60 محاميا، والذي يقوده السيد النقيب إبراهيم ولد أبتي وتكلم باسمه في مقابلة شاملة كاملة مع قناة الوطنية يوم 8/10/20، والذي أعلن تعهده في قصر المؤتمرات يوم 25/10/2020 لا مركز قانونيٌّ له، ولا صفة فيما يخوض فيه! بل وجوده فضولي؛ مثله مثل لجنة التحقيق البرلمانية وتقريرها وإحالة تقريرها وتعهد الادعاء العام به. وبذلك يكون ما أكده السيد النقيب لقناة "الوطنية" يوم 8/10/2020 من صحة تعهده وفريقه وقيامهم بالحق المدني باسم الدولة الموريتانية غير صحيح، وتكون "Tout à fait" التي قال ليست في محلها! ولقد بينا بما لا يدع مجالا للشك من أين أخذنا "مأخذنا" ذلك. إذ استندنا فيه إلى النظرية العامة للقيام بالحق المدني، وإلى قانون الإجراءات الجنائية الموريتاني وغيره من القوانين التي تحكم النازلة! في حين لم يعطنا الطرف المتهِم في جميع مداخلاته نصا قانونيا واحدا يُحتَكم إليه! تضاف إلى ذلك مسألتان جوهريتان هما: عدم وجود فعل مجرَّم أصلا، وعدم وجود ضرر ناجم عنه؛ وما لم يوجدا فلا وجود لعلاقة سببية بين معدومين! يضاف إلى ذلك عدم وجود توكيل من ذي صفة ومصلحة كما أسلفنا في عريضتنا!

فمن أين جاءت طرفية هؤلاء المدنية والحالة هذه؟

"ألا [طرف] باط امسبسب       من كرامات الصالحين"

ج. من هو الطرف المدني المزعوم، وما هي طبيعة عمله؟

يتكون لفيف الـ60 محاميا من فئتين. فئة يتحدث باسمها بفخر واعتزاز فضيلة القاضي المتقاعد والمحامي الجديد والشيخ المربي فاضلي ولد الرايس الذي صرح أمام محكمتكم الموقرة فاتح فبراير الماضي بأنه "يعترف بالارتباط بالأمن، مردفا أنه يعرف الجواسيس من القضاة والمحامين وغيرهم... وأردف أن واجب جميع الموظفين وحتى المواطنين العاديين هو التبليغ عن أي شيء يتهدد الأمن، أو يمكن أن يشكل خطرا" (الأخبار فاتح فبراير 2023) وفئة من قادة أحزاب "المعارضة الديمقراطية" التي ناصبت الرئيس محمد ولد عبد العزيز ونهجه الوطني الإصلاحي العداء طيلة عشريته الغراء، واستقوى بعضها بسفارات دول أجنبية معادية لموريتانيا وللعرب والمسلمين من أجل الإطاحة بحكمه، ومن وراء هذه الفئة تقف حاضناتها الاجتماعية بادعائها وشهودها وإعلامها.. إلخ!

وقد اتسم أداؤه بالسمات التالية:

* ممارسة الإبلاغ الكاذب ضد الخصوم السياسيين وتلفيق التهم الكيدية لهم؛ خدمة للمصالح السياسية الأنانية الرجعية الضيقة، وللمخططات الاستعمارية الصهيونية. فعلى خطى قادة تلك الأحزاب الذين تقدموا بإبلاغ كاذب إلى السيد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز (ذكر ذلك الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وشهد به أيضا النائب بيرام ولد الداه ولد اعبيد) سارعت قياداتها وقيادات من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الجديد) وأغلبيته في هيئة المحامين بضبط خطاها على إيقاع زعاماتها السياسية، وتحضير انقلابها المبيت بنشر الأكاذيب والشائعات المغرضة! وهذه بعض نماذج من ذلك:

"الدولة الموريتانية تعتبر واستنتجت من عمل اللجنة البرلمانية أنها هي الضحية الحقيقية لكل الفساد الذي عم هذا البلد لمدة 10 سنوات وكانت نتائجه". (الصحفي: أنت حسب اطلاعك على الملف ما تقديرك لحجم الفساد في هذه المرحلة؟) النقيب: "أعتقد أنه آلاف المليارات (الصحفي: آلاف المليارات؟) آلاف المليارات، على أسوأ تقدير أنه آلاف المليارات.. جميع القطاعات: شركة سنيم، شركة سونلك، الميناء، الأراضي مدرسة الشرطة الملعب الأولمبي المدارس.. ناهيك، ضخم ضخم، استنزاف في الحقيقة بمعنى الكلمة. الدولة الموريتانية تعتبر أنها ضحية ابتزاز، نوع من نهب الأموال وقع في هذا البلد يكفي الرجوع إلى تقرير اللجنة البرلمانية وتقرير قضاة محكمة الحسابات لفهم ضخامة الضرر. (النقيب إبراهيم ولد أبتي قناة الوطنية بتاريخ 08 /10/ 020). يومها لم يكن السيد النقيب قد اطلع على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، ولا أظنه اطلع عليه حتى الآن! ذلك أن "تعهده" المزعوم في القضية جاء بعد ذلك التاريخ بسبعة عشر يوما (25/10/2020). ولأن التقرير لا يوجد أصلا في الملف الذي فتح بعد ذلك في 11/03/2021، وما ذكره النقيب هنا لا يوجد في التقرير إطلاقا!