مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (16)

 

11. فرض "طرف مدني" تابع للنيابة، لا وجود له في القانون، ولا مركز، ولا مصلحة، ولا صفة. وإنما فُرِض لمجرد أن النيابة أرادت ذلك بصفته أهم حلقات مخطط الانقلاب القضائي الذي تقوده! "طرف مدني" هيأت استشاراته ونظرياته "القانونية" الباطلة، وسياسات وإعلام أحزابه وحاضناتها الاجتماعية المعادية للرئيس محمد ولد عبد العزيز التربة لاختلاق إفك "فساد العشرية"! "طرف مدني" يحدو ويواكب النيابة في اختلاق التهم الباطلة، وفي انتهاك الدستور وخرق القانون، ونكران العدالة! "طرف مدني" عَمِلَ شاهدا ومحللا ومبيضا لانتهاك الدستور وخرق القانون! "طرف مدني" كان أداؤه في هذا الملف ضارا بمؤسسة النقيب ومهنة المحاماة النبيلة وباستمرار واستقرار مؤسسات الدولة والمصالح العليا للوطن!

"طرف مدني" تم فرضه في المحاكمة بصفة تعسفية؛ وذلك حين أحضرته النيابة من أول يوم إلى قاعة هي سيدتها وأعدت له متكأ.. وظلت المحكمة تشركه في كل صغيرة وكبيرة مما لا يهم الطرف المدني أصلا! وترفض حتى مجرد نقاش مركزه القانوني والبت في عرائضنا المتعلقة به؛ مدعية تارة أن اعتماده تم من طرف قاضي التحقيق! والتحقيق لم يعتمده قط، ويوجد في الملف قرار منه مؤكد من الدرجات الأخرى برفضه! ومتأولة تارة أخرى أنها سبق أن بتت في أمره دون أن نجد أثرا لهذا البت! وفي الأخير صرفت النظر عن طلباتنا وعرائضنا التي أثرنا فيها قضيته؛ خارقة بذلك نص المادتين 285، 286 اللتين توجبان على المحكمة البت والحكم في الطلبات والأحداث العارضة، وتمنعان عليها التجاهل وصرف النظر!

والحديث عن هذا "الطرف المدني" الذي فرض في محاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وصحبه في سابقة لا مثيل لها في تاريخ القضاء الموريتاني والعالمي دون أي أساس قانوني، سوف يتناول ثلاثة أمور أساسية هي:

أ. حجج دامغة كنا قد عرضناها أمام المحكمة في جلستها بتاريخ 20 مارس 2023 وفي عريضتين منشورتين أمامها كانت آخرهما بتاريخ 6/4/2023.

ب. آلية القيام بالحق المدني في القانون الموريتاني.

ج. من هو هذا الطرف المدني، وما هي طبيعة عمله؟

أ. محتوى مداخلاتنا وعرائضنا التي صرفت عنها المحكمة النظر.

لقد كان من بين ما عرضنا أمام المحكمة ما يلي:

* غياب إجراءات القيام بالحق المدني.

وقلنا إن إجراءات القيام بالحق المدني محددة في ق ا ج بكل دقة، ومفصلة في كل مرحلة إجرائية؛ إذ يقام بالحق المدني في مرحلة البحث الابتدائي، بتصريح يدرج في المحضر طبقا للمادة 56 من ق ا ج التي تنص على أنّ "لكل شخص يرى أنه تضرر من الجريمة أن يقوم بالحق المدني أمام ضابط الشرطة القضائية بواسطة تصريح يدرج في المحضر". كما يمكن أن يقام بالحق المدني أمام قاضي التحقيق - أثناء سير الدعوى العمومية- بالتصريح أمام قاضي التحقيق، وحينها يستمع قاضي التحقيق وجوبا للطرف المدني، طبقا للمادة 77 من ق ا ج التي تنص على أنه "يجوز القيام بالحق المدني أثناء البحث كما قيل في المادة 56 أو في أي وقت أثناء سير التحقيق، ويستمع قاضي التحقيق إلى الطرف المدني دون تأدية اليمين وفقا للظروف المبينة في المواد من 104 إلى 108". وكذلك يمكن القيام بالحق المدني أمام المحكمة في الجلسة - أثناء سير الدعوى العمومية- بتصريح يسجله كاتب الضبط، طبقا للمواد 378 و379 و380 من ق ا ج. ولم تقم أي من الدولة الموريتانية، وشركة سنيم، وشركة سوملك، وخيرية سنيم، بإجراءات القيام بالحق المدني المذكورة في أي مرحلة من مراحل الإجراءات.

وبذلك لا يكون القيام بالحق المدني المزعوم في هذا الملف صحيحا.

* عدم صحة الوكالات.

وقلنا إن الوكالة التي استظهر بها المحامون المنتصبون لتمثيل الدولة الموريتانية لم تصدر عن ذي صفة في إصدارها، لأنها صادرة عن معالي وزير المالية، وقد حدد المرسوم رقم 349/2019 المحدد لصلاحيات وزير المالية، صلاحيات الوزير بدقة، ونص في المادة 3 منه على أنه يوقع العقود "في حدود صلاحياته". وصلاحياته محصورة في مجال المالية العامة، فلا يمثل الدولة الموريتانية خارج ذلك إلا بتفويض. وإن الوزير الأول هو من يمثل الدولة في العقود؛ وذلك بصريح المادة 11 من المرسوم رقم 157/2007 المتعلق بصلاحيات الوزراء والوزير الأول، التي نصت على أن الوزير الأول هو من يوقع الصفقات العمومية وكافة العقود. أما خيرية سنيم فهي جمعية خاضعة لقانون الجمعيات، وقد نص قانون الجمعيات رقم 064/98 بتاريخ 9 يونيو 1964 المتعلق بالجمعيات في مادته 12 على أنه: "... لا يمكن للجمعية أن تتمتع بالأهلية القانونية المنصوص عليها في المادة السابقة إلا بعد الالتزام ببعض قواعد الاشهار... الإدراج بالجريدة الرسمية...". وإن المرسوم رقم 205/2021 المطبق لقانون الجمعيات رقم 004/2021 الجديد، قد تبنى أيضا هذا المقتضى بنصه في المادة 13 على أنه "تعتبر الجمعيات منشأة قانونيا اعتبارا من يوم إرسال الوصل النهائي، وتتوفر على الشخصية الاعتبارية اعتبارا من تاريخ نشر الإعلان في الجريدة الرسمية". وخيرية سنيم لم تثبت توفرها على الشخصية المعنوية التي تمنح أهلية التقاضي. ثم إن هذه الوكالات تضمنت التصريح بتوكيل تصفية مكتب المرحوم ذ. يحي ولد محمد محمود، ومعلوم أن مكاتب التصفية لا توكل، وإنما تصفي الملفات القائمة بناء على توكيلات سابقة.

وبذلك لا تكون الوكالات المستظهر بها صحيحة.

يتبع