مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (12)

3. بطلان جميع إجراءات التحقيق لوقوعها في ظل، وتحت تأثير المادة 47 من قانون مكافحة الفساد الملغاة! وقد تقدمنا أمام محكمتكم الموقرة بعريضة مفصلة ومعللة في هذا الموضوع، تم تجاهلها؛ ولم ترتب محكمتكم الموقرة أي أثر على قرار المجلس الدستوري الذي تم تبليغه إليها يوم صدوره. علما بأن المادة 87 من الدستور تنص على ما يلي: "لا يصدر أو ينفذ حكم أقر المجلس الدستوري عدم دستوريته. تتمتع قرارات المجلس الدستوري بسلطة الشيء المقضي به. لا يقبل أي طعن في قرارات المجلس الدستوري. وهي ملزمة للسلطة العمومية وجميع السلطات الإدارية والقضائية". 

4. حبس المتهمين ظلما. الشيء الذي يشكل خرقا صارخا للمادة 91 من الدستور التي تنص على ما يلي: "لا يعتقل أحد ظلما. فالسلطة القضائية الحامية للحرية الفردية، تضمن احترام هذا المبدأ في نطاق الشروط التي ينص عليها القانون". وللمادة 256 من قانون الإجراءات الجنائية. فكيف جرى انتهاك ذلك المبدأ المسطور في الدستور والترتيبات الواردة في المادة 256 إجراءات جنائية، من طرف المحكمة قضاة ونيابة؟ لقد حقق قاض من قضاة المحكمة يوم 12 يناير 2023 في هوية المتهمين وتأكد من أنهم تسلموا قرار الإحالة، وأمرهم بالحضور إلى المحكمة يوم 25 من الشهر نفسه ليحاكموا؛ ولم يصدر في حق أي منهم أمر إيداع لأنهم لم يكونوا في حالة إفراج مؤقت. وذلك عملا بترتيبات المادة 256 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحكم وتبين إجراءات اقتياد المتهمين أمام المحكمة الجنائية. وفي يوم 23 يناير، وقبل الموعد الذي طلب القاضي من المتهمين الحضور فيه أحرارا بيوم واحد، أصدرت المحكمة قرارا بالقبض عليهم وحبسهم حبسا تحكميا مخالفا لصريح نص المادة 256 آنفة الذكر. وقد تم تعليل ذلك القرار ظلما وخطأ وخطلا بالمادتين 147 و153 اللتين لا علاقة لهما بالموضوع من قريب ولا بعيد؛ لكونهما مادتين من الكتاب الأول من قانون الإجراءات المتعلق بسير الدعوى، ولا علاقة لهما بتنظيم سير محاكم الحكم الذي يحكمه الكتاب الثاني وتتصدره المادة 256! وقد ظل هذا الحبس التحكمي الظالم قائما إلى يومنا هذا؛ أي لأزيد من ثمانية أشهر تتفرج عليه المحكمة صباح مساء دون تحريك ساكن رغم ما عَهِدَ به دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية إلى القضاء من صيانة للحريات الفردية! (صحبته محضر الاستجواب الإجباري، وقرار الحبس التحكمي).

5. خرق المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية؛ وخاصة في فقراتها المتعلقة بمبدأ الحضورية، والفصل بين سلطتي الاتهام والحكم، والتسوية في المعاملة بين المتابَعين في الملف نفسه، وسهر السلطات القضائية على إعلام الضحايا بحقوقهم وضمان حمايتها، والتمسك بقرينة البراءة، وضمان الحق في محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية، وتفسير الشك لصالح المتهم، وعدم الأخذ بالاعتراف المنتزع تحت التعذيب أو العنف أو الإكراه! وكلها مبادئ عظيمة وقواعد آمرة سنها وفرضها المشرع الموريتاني في تلك المادة التي تقول بالحرف الواحد: "يجب أن تكون الإجراءات الجنائية عادلة وحضورية وتحفظ توازن حقوق الأطراف. ويجب أن تضمن الفصل بين السلطات المكلفة بالدعوى العمومية والسلطات المكلفة بالحكم. يجب أن يحاكم الأشخاص الموجودون في ظروف متشابهة والمتابعون بنفس الجرائم وفقا لنفس القواعد. تسهر السلطات القضائية على إعلام الضحايا بحقوقهم وضمان حمايتها طيلة كافة الإجراءات الجنائية. كل شخص تم اتهامه أو متابعته يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بقرار حائز على قوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية. الشك يفسر لصالح المتهم. لا يعتد بالاعتراف المنتزع تحت التعذيب أو العنف أو الإكراه". والتي تم خرق جميع بنودها، واستباحة جميع أوامرها ونواهيها خلال التعامل مع هذا الملف في تواطؤٍ صريح ونشط بين المحكمة والنيابة!

6. تعطيل المادتين 285 و286 من قانون الإجراءات الجنائية، اللتين تنصان على وجوب الرد على طلبات الأطراف، فتقول المادة 285: "للمتهم والطرف المدني الحق في تقديم طلبات، ويجب على المحكمة الجنائية أن تبت فيها". وتقول المادة 286: "يحكم في كل الأحداث العارضة التي يمكن أن تكون محل نزاع من طرف المحكمة الجنائية بعد الاستماع إلى النيابة العامة والأطراف ومحاميهم. ولا يجوز أن تمس القرارات الخاصة بهذه الأحداث الأصل"! وقد تكرر رفض المحكمة مجرد السماح للدفاع بالكلام، وبتقديم ما لديه من طلبات، كما تكرر التعامي وعدم البت في طلباته إن قدر له وجود المجال لطرحها! ومن بين الطلبات التي تغاضت عنها المحكمة ورفضت بحثها والبت فيها: قضية الطرف المدني المزعوم، طلبات الحرية، الطلبات المتعلقة باستدعاء شهود النفي، الطلب المتعلق باستكمال استنطاق موكلنا، الطلب المتعلق بتوفير ظروف ملائمة لإعداد دفاع موكلنا معه في منأى عن أجهزة التنصت والتصوير المزروعة في كل شبر من معتقله التحكمي. وقد ابتكرت المحكمة أخيرا آلية جديدة في معاملتنا تمثلت في الامتناع عن استقبالنا في مكاتب المحكمة، ورفض السماح لنا بالكلام واستلام عرائضنا أثناء جلساتها!      

يتبع