مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (11)

 

* والملف رقم النيابة 001/2021 له قصة حافلة بالغش والتدليس؛ فبعد أن أفتت النيابة فريق التحقيق بجواز منع المتهم ومحاميه من الاطلاع على ملف الاتهام؛ خلافا لقوانين وشرائع السماء والأرض، ولصريح القانون الموريتاني وما يجري به العمل في موريتانيا، وخلافا لقرار صريح صادر من المحكمة العليا، رقمه 21/ 92 بتاريخ 1 إبريل 92. وبعد أن أجازت غرفة الاتهام والغرفة الجزائية بالمحكمة العليا ذلك البغي.. ظهرت للجهة التي تتحكم في الملف فداحة ما عملت، فأوحت إلى فريق التحقيق أن أصدر أمرا بتسليم الملف إلى الدفاع، ولا تنفذه. ففعل. واستمرت مصادرة وحجب أجزاء مهمة من الملف لتكون حكرا على النيابة، كالملف الطبي للرئيس السابق مثلا! وقد بلغت أوراق الملف في الأخير، من خلال ترقيمه لدى كتابة ضبط فريق التحقيق 8828 صفحة، إلا أنه لم يحل منه إلى محكمة الاستئناف في طور استئناف أمر الإحالة الباطل سوى 767 صفحة (أي أقل من عُشُره!) واعتمادا على هذا الجزء من الملف (767 صفحة) تعهدت وحكمت كل من غرفة الاتهام والغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا، دون أن تطرح أي منهما هذا السؤال الجوهري الصارخ: أين بقية الملف؟ خاصة أن "أمر الإحالة – الكتاب" المنظور من طرفهما، يحيل في أجزاء كثيرة منه إلى سفسطات واردة في صفحات من الملف تربو على رقم ثمانية آلاف (8000) كقوله مثلا: "... التي اشتراها المتهم في هذه المسطرة... الصفحات من 8054 إلى 8071 وما بعدها من المصنف من ترقيم الملف"! ثم إن الدعوى كلها بنيت على أساس تقرير لجنة التحقيق البرلمانية.. وهذ التقرير لا وجود له في ملف الدعوى! فأين تقرير لجنة التحقيق البرلمانية؟ ولماذا سحب من الملف بعد أن أسس عليه؟ 

* وأثناء التحقيق تقدمنا بعريضة إلى منسق فريق التحقيق نطلب فيها تعيين قاض من فريقه يقوم بالتحقيق حسب ما نص عليه المرسوم رقم 017/ 2017 وقد أودعت العريضة لدى كتابة ضبط ديوان فريق التحقيق بتاريخ 06 /05/ 022 ولدينا وصل الإيداع الذي يحمل ذلك التاريخ. ولكن فريق التحقيق - تجنبا لإحراج تماديه في رفض تطبيق ذلك المرسوم- زعم أن العريضة وصلت إليه بتاريخ 29/5/022 بعد ختم التحقيق! ثم أين تقرير - أو تقارير- لجنة التحقيق البرلمانية التي بنت عليها النيابة بحثها التمهيدي أساس دعواها؟ ولماذا لا ذكر لها ولا وجود في الملف؟ أوليس هذا تدليسا وغشا؟ (الملحق رقم 4 نسخة من عريضة الدفاع بتاريخ 06/05/022).

* ولا ينتهي التدليس والغش عند هذا الحد؛ بل يطالان تلفيق البينة، والتعامل مع المحكمة العليا في قضايا المخاصمة:

- ففي مجال البينة، لم تسفر سنة ونيف من البحث شملت استماعات ومواجهات وإنابات قضائية داخلية وخارجية حسب ما ذكره نقيبنا المحترم، عن بينة يركن إليها ضد الرئيس السابق. فكان لا بد من اختلاق بينة ما، فورد في "أمر الإحالة - الكتاب" ما ملخصه أن استغلال عدة تصريحات صحفية علنية في مناسبات مختلفة للمتهم محمد ولد عبد العزيز... يثبت أنه يملك ثروات كبيرة! ولا يمكن أن يحصل موظف عمومي يمنع عليه الدستور ممارسة أية وظائف أخرى على أموال طائلة إن لم يكن ذلك من خلال ارتكاب وقائع يجرمها القانون. وأن المادة 16 من قانون مكافحة الفساد تنص على أن أي موظف عمومي لم يستطع تقديم تبرير للزيادة التي طرأت في ذمته المالية مقارنة بمداخيله المشروعة، يعتبر مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، وهو ما يعرف قانونا بالإثبات العكسي؛ أي إن عبء الإثبات في هذه الحالة يرجع إلى المتهم، فهو من عليه إثبات مصدر شرعي لثروته الطائلة. وهذه كلها أدلة قطعية لا يتطرق إليها الشك بثبوت تهمة الإثراء غير المشروع على المتهم محمد ولد عبد العزيز. وثبوت هذه التهمة تثبت به جميع التهم الموجهة للمتهم...". (الصفحتان 24 و25 من أمر الإحالة).  وهذا كله سفسطات دحضناها في بحث متوفر في الشبكة العنكبوتية بعنوان: حول حجية "قرينة الثراء" والمادة 16 من قانون مكافحة الفساد"! وسوف نعود لعلاجه بصورة أوسع في الجزء الخامس من المرافعة تحت عنوان "نقاش التهم والبينات والرد على طلبات النيابة بصيغة الجمع".

* وفي التعامل مع المحكمة العليا في قضايا المخاصمة ظهر الغش والتدليس على أشُدِّهِما؛ حيث جاء رد قضاة الفريق المخاصمين على عريضة المخاصمة مدبجا على رأسية فريق التحقيق، وتحت رقمي النيابة 001/221 والتحقيق 001/2021 وهو رقم ملف الاتهام، وفي شكل أمر على عريضة رقمه 01/2022 بدأ بـ"نحن الحسين ولد كبادي، قاضي التحقيق، رئيس الفريق الخاص بمكافحة الفساد، وبعضوية كل من: القاضي أحمد محمد حفظ، والقاضي محمد خطري السالك عضوي فريق التحقيق الخاص بمكافحة الفساد، نظرا للإجراءات الجارية في الملف المنوه عنه أعلاه المتهم فيه كل من: محمد ولد عبد العزيز وآخرون بتهم...."! والحقيقة هي أن عريضة المخاصمة لا علاقة لها بملف القضية ولا برقمه ولا بتهمه؛ بل تتعلق بدعوى مدنية ينظمها القانون المدني، ولها رقم قضية مستقل هو 01/2022! وتم اتباع الأسلوب نفسه من طرف رئيس فريق التحقيق في رده على مخاصمتنا له الأخيرة!     

وهذا غيض من فيض!

يتبع