تخليد يومي 9 و10 دجمبر في موريتانيا: "إن الهدايا على مقدار مهديها"

 

تحتفل البشرية جمعاء يومي 9 و10 دجمبر بمناسبتين عظيمتين، هما اليوم العالمي لمكافحة الفساد، واليوم العالمي لحقوق الإنسان؛ وتخلدهما بأعمال جليلة تتناسب مع مغزاهما الحضاري. وقد احتفلت بلادنا - على غرار دول العالم- هذه السنة بهذين اليومين وخلدتهما على طريقتها الخاصة.

فبخصوص اليوم العالمي لمكافحة الفساد، فقد تزامن هذه السنة مع ثلاثة أحداث كبرى عرفتها بلادنا في مجال الشفافية والحكم الرشيد وصيانة المال العام هي:

1. صدور تقرير محكمة الحسابات لسنتي 2022 و2023 الذي تحدثت فيه عن نهب وتبديد أزيد من 400 مليار أوقية قديمة في قطاعات هامشية قليلة. و"محكمة الحسابات هي الهيئة العليا المستقلة المكلفة برقابة الأموال العمومية" حسب نص المادة 68 من الدستور. وعلى الرغم من أن رئيس الجمهورية يعلن في كل مناسبة الحرب على الفساد بلا هوادة، وأن قضاءنا قد أدان رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز بجريمتي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، وحكم عليه بالسجن 15 سنة بدون بينة سوى تلفيق حيازته لـ29 مليار أوقية قديمة، فقد سارع رئيس محكمة الحسابات نفسها، والوزير الناطق باسم الحكومة، إلى تكذيب ما ورد في التقرير. ثم تم انتقاء ثلاثين شخصا ليكونوا كباش فداء للمفسدين الكبار. وحُفظت الدعوى في حق 24 منهم، ولم يبق في "الحفرة" إلا 6 منهم مشهود لأغلبهم بالنزاهة والاستقامة!

2. إحالة ملف مخبر الشرطة إلى العدالة؛ وهو الملف الذي ثبت فيه بالأدلة وجود عمليات فساد، وفي لمح البصر أصدرت فيه النيابة بيانا غير نمطي تعلن فيه سلامة العملية وبراءة المتهمين فيها!

3. ظهور عملية فساد تتعلق بصفقة تراض منحتها قيادة الجيش لأحدهم؛ بغية شراء أجهزة طبية لصالح مستشفى السرطان (؟!) ورغم خطورة الملف ومكانة الضالعين فيه! فإنه ما يزال يراوح مكانه حتى الساعة. وقد تم دفع الثمن، ولم يصل المثمون إلى المرضى لحد الآن!

وأما اليوم العالمي لحقوق الإنسان، فإضافة إلى أن "دار ابن لقمان على حالها" فقد خُلد باختطاف رئيس منظمة الشفافية الشاملة التي كشفت ملابسات جديدة وموثقة حول فساد صفقة مخبر الشرطة، عقب ليل من داره. وما يزال مختطفا حتى الآن!

وقد جرت عملية الاختطاف من وراء ظهر القضاء حامي حمى الحرية الفردية (المادة 91 من الدستور) وشكلت خرقا سافرا لقانون لإجراءات الجنائية الذي يحظر القيام بالتفتيشات والزيارات المنزلية قبل الساعة الخامسة صباحا وبعد العاشرة مساء (المادة 52). وأدهى من ذلك وأمر أن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدل أن يدين هذه العملية القمعية العدوانية ويندد بانتهاك حقوق الإنسان، علق عليها بقوله: "إن استدعاء الشرطة لشخص ليس جرما قانونيا" و"إن الهدف لا يجب أن يكون التشكيك في مؤسسات الدولة والقضاء" حسب ما أوردته وكالة الأخبار.