ذ. محمدٌ ولد إشدو لموقع الفكر: "قانون الرمز الواحد هو أسوأ قانون موريتاني.. والشعب الموريتاني كله الآن يساند ولد عبد العزيز" (2/2)

 

موقع الفكر: هل القضاء الموريتاني مؤهل لإصدار أحكام بشأن ملف العشرية؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: إذا كنتم تعنون القضاء العادي، فليس مختصا ولا مؤهلا، بقوة نص الدستور!

موقع الفكر: أولا يملك القضاء الموريتاني الكفاءة والنزاهة لذلك؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: الكفاءة والنزاهة يسبقهما الاختصاص! والقضاء الموريتاني العادي غير مختص في محاكمة رئيس الجمهورية ولا الوزراء بقوة المادة 93 من الدستوري، وقوة قرار المجلس الدستوري رقم 009/ 2024 المكرس لها! فهذه المادة تنص على أن رئيس الجمهورية لا يساءل عن أفعاله أثناء ممارسته لمسؤولياته، إلا في حالة الخيانة العظمى. ولا يتهمه إلا البرلمان. ولا يحاكمه على تلك التهمة إلا محكمة العدل السامية. بينما "الوزير الأول وأعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم.. وتطبق عليهم الإجراءات المحددة أعلاه" أي لا يتهمهم إلا البرلمان. ولا يحاكمهم إلا محكمة العدل السامية! ولا دخل للقضاء العادي في الموضوع برمته! تلك هي أحكام الدستور الموريتاني التي تحاول "النخبة" القانونية وأدها والاستعاضة عنها بباطل مستورد من فرنسا!

إن القضاء العادي على المحك؛ فهو يخوض في قضية لا تعنيه ولا يمكنه أن يحكم فيها. وبعد خمس سنوات من البحث والتمحيص أصبح ألأمر واضحا كل الوضوح! وهو إما أن يحكم بالقانون والعدل، وذلك يقتضي الحكم والقول بعدم الاختصاص! وإما أن يتيه عن الصرط المستقيم!

موقع الفكر: ما هي توقعاتكم يوم 14؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: الأحكام العادلة تستند إلى القانون، وتنسجم مع توقعات الرأي العام الذي تابع سير المحاكمة داخل القاعة وخارجها. وبما أن القانون صريح، والرأي العام يقف إلى جانب الحق والقانون، ولم يعد يخفى عليه شيء، فإننا نتوقع أن ترعوي بعض الجهات التنفيذية الضاغطة، فتضع مصلحة الدولة والوطن - ومصلحتها هي أيضا- فوق بعض الاعتبارات الانتقامية والمصالح الضيقة الجائرة، وأن تتحرر المحكمة من جميع الضغوط ومحاولات التدجين، وتحكم بعدم قبول الدعوى لمخالفتها لصريح المادة 93 من الدستور، ولنص قرار المجلس الدستوري رقم 009/ 2024. فالدستور هو القانون الأسمى. وأحكام المجلس الدستوري نهائية وواجبة التنفيذ من طرف الجميع. وبحكم كهذا يتحقق العدل ويصان الدستور ومؤسسة الرئاسة والرؤساء السابقون واللاحقون، ودولة القانون، ويتم تكريس فصل السلطات واستقلال بعضها عن بعض! وإذا حاد الحكم عن نهج الدستور والقانون فلا عبرة به ولا مصداقية له!

موقع الفكر: هل تعتقدون أن النظام القائم يتدخل في عمل القضاء؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: هذا ما يعتقده ويقوله الجميع على رؤوس الأشهاد: نواب ومثقفون وصحفيون ومواطنون عاديون! ويكفيك أن قد شهد شاهد من أهلها. فالأستاذ الجامعي والمحامي لو غرمو؛ وهو أحد قادة الستين محاميا، وأحد مستشاري وزارة العدل القانونيين، وصاحب الدور الثاني في انتهاك الدستور لصالح رغبات النظام، قد أصبح يؤكد اليوم في مقالاته وتصريحاته العلنية تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية! أما "ملف العشرية" الذي بلغت صفحاته عشرين ألفا (20000) فإن كل صفحة من صفحاته تروي بوضوح – وتجسد- تسخير السلطة القضائية في تحقيق رغبات السلطة التنفيذية.

موقع الفكر: ما هو رأيكم في قانون الرموز؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: هذا القانون لم يعد قانون الرموز؛ بل أصبح قانون الرمز الواحد! ذلك أن الطعن الذي قمنا به ضده أمام المجلس الدستوري باسم موكلنا الدكتور أحمد ولد صنبه قد بتر جزء منه، بحيث لم يعد الوزراء والمسؤولون الآخرون رموزا بموجبه، وبقي رئيس الجمهورية وحده هو الرمز!

وقد بيننا في مذكرة طعننا مخالفة قانون الرمز للدين الإسلامي وللشريعة الإسلامية وللمادة العاشرة من الدستور!

فهو يخالف الدين الإسلامي لحظره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويخالف الشريعة الإسلامية لمخالفته للآية الكريمة التي تبيح لمن ظلم أن يرفع صوته عاليا على من ظلمه {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم}! ويخالف الدستور الذي تنص مادته العاشرة (10) على أن "تضمن الدولة لكافة المواطنين الحريات العمومية والفردية... حرية الرأي وحرية التفكير؛ حرية التعبير...".

وبشكل عام فهذا القانون هو أسوأ قانون موريتاني في هدفه وفي نتائجه؛ حيث جعل الرمز - أو الرموز- في مرمى غضب الجماهير، بعد أن كانت غافلة عنهم، أو غير مهتمة بهم أصلا.

وعموما فلن يكون مصيره أحسن من مصير المادة 104 التي ألحقت بدستور 1991، ولا من المادة 11 من قانون الصحافة سيئتي الصيت.

موقع الفكر: ما هو رأيكم في خطاب الكراهية السائد في هذه الفترة؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: خطاب الكراهية نوعان: نوع يلفقه ويروجه النظام وأتباعه ومخابراته وذبابه الالكتروني؛ بغية تشويه سمعة خصومه السياسيين والقضاء عليهم! وهو الأخطر، لأنه يجمع بين قول الزور والعدوان والقذف، ويعبر عن طغيان واستبداد وإرهاب الدولة! ومن أبرز ضحاياه الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي شنت عليه من يوم خروجه من السلطة في أغسطس 2019 إلى يومنا هذا حملة قذف وتشويه وشيطنة.. بغية النيل منه ومن عشريته، والإطاحة بنظام أغلبيته الوطني! أما النوع الثاني فجهر بالسور من القول تعبيرا عن رفض الظلم، وتفريجا عما في الصدور. وسببه استشراء الفساد والاستبداد والتهميش والطغيان! وسوف يزول حتما بزوال أسبابه! ولن يزيده القمع إلا اتساعا واستفحالا!

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

ذ. محمدٌ ولد إشدو: أتمنى الخير لموريتانيا والموريتانيين، وأناشد عبر منبركم المحترم كل الخيرين والمخلصين في هذا الوطن أن ينهضوا ويعملوا يدا بيد من أجل القضاء على الفساد، وتجنيب موريتانيا الكوارث والأزمات؛ فهي في خطر!